التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

وسام القاضي

أصبحت عبارة “التمثيل الصحيح” كقميص عثمان يتم التداول بها بشكل تجاري للكسب المعنوي لهذا الطرف أو ذاك في الإستحقاق الإنتخابي، وكأن حقوق المواطن ومستقبله مرتبطان بالتمثيل الصحيح كما يتغنون به في القانون الإنتخابي المزمع إقراره، وهل حقوق المواطن تتحقق من خلال ما يسمونه بالتمثيل الصحيح في المجلس النيابي؟ أين هي تلك الحقوق المتعلقة بالمواطنية؟ وأين العدالة الإجتماعية؟ أيهما أخطر على المواطن قانون إنتخابات أم الفساد المستشري في أرجاء إدارات الدولة اللبنانية؟

أسئلة كثيرة تدور حول محور واحد، محور المواطن اللبناني كإنسان، فالمحاصصة التي تجري على كافة المستويات، يتم تقاسم مغانمها بين القوى السياسية وعلى أساس طائفي، وكأن الأحزاب اللبنانية أصبحت تمثل الخط السياسي لطوائفها، وطبعا يتم توزيع الحصص وفق عديد كل طائفة على حدا، فالطوائف الكبرى أصبح أبناؤها مواطنين من الدرجة الأولى، اما الطوائف الصغرى فأبناؤها هم مواطنون من الدرجة الثانية أو الثالثة أو حتى قيد الدرس، فكم من أشخاص يتمتعون بالكفاءة العلمية يعجزون عن ملء شواغر في الإدرارت نتيجة كونهم ينتمون إلى طوائف صغيرة الحجم لا الدور، وطبعا إذا كانوا ينتمون إلى الطوائف الكبيرة فعليهم الحصول على رضى كبار القوم لديهم.

لماذا تتواصل الشركات الكبيرة مع المتخرجين المتفوقين في الجامعات وتعقد معهم عقود عمل وتسفر معظمهم إلى الخارج بدل أن تستقطبهم الدولة اللبنانية في إداراتها الهرمة والمتعثرة والمترهلة. لأنه من الطبيعي ان تكون الوظائف الموزعة طائفيا محجوزة مسبقا للمحظوظين من كبار القوم، أما الكفاءات العلمية فتذهب أدراج الرياح.

Parliament

ليس المطلوب ان تصل أصوات طائفية إلى المجلس النيابي عبر ما يسمى بالنسبية، خاصة إذا ساروا بالبدعة التي يتحدثون عنها بالتأهيل المذهبي عبر القضاء ومن ثم النسبية عبر المحافظة، بل المطلوب نسف النظام اللبناني من أساسه ولتسود المساواة والعدالة الإجتماعية بين المواطنين، دون ان يكون الشارع اللبناني مشرذم ومنقسم على نفسه وفق الإنتماء المذهبي.

صحيح أن المعلم الشهيد كمال جنبلاط قد قدم عبر البرنامج المرحلي للإصلاح للحركة الوطنية علم 1975 مشروعا يتضمن إعتماد لبنان كدائرة إنتخابية واحدة، لكن الوضع الفكري والوعي لدى الشعب اللبناني كان بعيدا كل البعد عن الشحن المذهبي، وكانت الأحزاب الوطنية تنادي بالعلمانية وهي تسيطر على ثلثي الأراضي اللبنانية، أما اليوم فمن يتحكم بمسار النسبية هم الطوائف الكبرى، والتي كل منها لديه إرتباطاته الخارجية وفق نهج أطرافها السياسية، هذه الأطراف التي لا تقيم وزنا للبنان كدولة ومؤسسة بحد ذاتها بل بقطعة جبنة تريد تقسيمها ونهشها.

المعلم كمال جنبلاط

لا يعقل في هذا العصر أن يفرق بين المواطنين وفق إنتماءاتهم المذهبية، ولا يعقل أن ينتمي الوزراء والنواب إلى طوائفهم، فالنائب والوزير هم نواب ووزراء الشعب اللبناني بأكمله، وخدماتهم يجب أن تصل لكافة المواطنين، وليس أن تصبح كل وزارة مكتبا حزبيا لمرجعية الوزير، وهذا واقع ملموس يشاهده المواطنون يوميا عند إتمام معاملاتهم في إدارات الدولة اللبنانية، فهل التمثيل الصحيح الذي يتغنون به سيصحح هذا الوضع؟

وعليه فإن مكافحة الفساد صعودا ونزولا في هرم الدولة اللبنانية هو الأجدى والأولى، حيث بهذه المعالجة تستقيم الأعمال الخدماتية في الدولة وتتوقف السمسرات التي يسمونها هدرا لتلطيف العبارة، فعندما ينعم المواطن بالماء والكهرباء وخطوط الإتصالات، وعندما تتحسن أوضاع الطرقات، ويسود القانون على الجميع، وتتوقف التسويات القضائية ضد المخالفين عند ذلك يتحسن وضع المواطنية في لبنان وليس عبر قانون إنتخابي لن يقدم أو يؤخر للمواطن اللبناني بحد ذاته، بل يخدم بعض الحسابات في نفس يعقوب كما يعقول المثل.

 (*) رئيس جمعية كمال جنبلاط الفكرية

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار

ماذا عن اليوم التالي للإنتخابات؟