ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

وسام القاضي

“غياب من نحب تماما كغياب اللون عن الصورة، هو لا يفقدنا الحياة، إنما يفقدنا طعم الحياة.”

نستذكر المقدم فياض في الأوقات العصيبة التي يمر بها لبنان، نستذكر المقدم فياض في زمن الأخطبوط المالي الذي ينهش في مقدرات البلاد، نستذكر المقدم فياض في زمن قلّ فيه المخلصون وكثر فيه الانتهازيون، نستذكر المقدم فياض الذي بقي شريف النفس والكف منذ دخوله في صفوف الحزب وحتى وافته المنية.

قد اختلف الكثيرون مع طريقة عمل المقدم فياض في أدائه الحزبي أو في نظرته لبعض الأمور وأطر معالجتها، وهذا أمر طبيعي في العمل الحزبي، لكنه كان دائماً حاضراً للمناقشات بصدر رحب، ولم يتلكأ يوماً بالرد على اي اتصال أو أية مراجعة، كان حاضراً بإنسانيته وتواضعه الدائم.

وحتى إن البعض وضع ملاحظات على كتابه الذي أصدره “نار فوق روابي الجبل” ، إذ قد فاته ربما ذكر بعض الأسماء المناضلة أو المواقع التي تواجدوا فيها، أو سرد بعض الأحداث، لكن لم يشك أحد بأنه كان مؤتمن على تاريخ نضال الرفاق على كافة الجبهات، وإن خانته الذاكرة لبعض الأحداث لكن لم يحجب وفاءه وإخلاصه لمن سطّر البطولات والتضحيات.

لم تبهره المسؤوليات ولم يسجن نفسه ضمن حصن منيع، ولم يعمل لإنشاء أزلام له أو محسوبين عليه، بل كانت تجمعه بالرفاق علاقات محبة واحترام متبادل. لم يكن في قاموسه تركيب طرابيش من هنا أو من هناك، كان يقدّر مجهود الرفاق ويعمل على دعم كل من توافرت لديه الإمكانيات في العمل المباشر والنشاط الحزبي.

رفض العودة إلى صفوف المؤسسة العسكرية بعد الحرب، ولم يأبه لنيل رتب عسكرية أعلى، بل اكتفى برتبة المقدم ليعطي من كل قلبه وعقله في نضاله إلى جانب المعلم الشهيد، وأعطى اندفاعه في العمل في قيادة جيش التحرير الشعبي ومن ثم في أمانة السر العامة.

تلقى سقوطه في انتخابات مجلس القيادة بصدر رحب، واستجاب لرغبة القاعدة الحزبية، وانتقل للعمل في مؤسسة وليد جنبلاط للدراسات الجامعية تاركاً أمانة السر العامة بعد تاريخ طويل في عمله المتواصل بإدارتها. إنه الحزبي الملتزم الذي لا تغنيه المسؤوليات بل يعطيها ولا يأخذ منها.

نظيف الكف، إنساني النظرة، متواضع بعلاقاته، وفيّ مخلص، حاضر دائم، غير آبه بالمسؤوليات، هي كلمات مختصرة نستذكرك بها يا رفيقنا المقدم في زمن نبحث فيه عن هذه الصفات في كومة قش، ومن الصعب إيجادها.

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار

ماذا عن اليوم التالي للإنتخابات؟