هل تقضي الصراعات المارونية الداخلية على ما تبقى من مسيحيي الشرق

وسام القاضي

يتأثر لبنان بشكل مباشر بالأحداث التي تجري في المنطقة العربية، من ظهور للفكر التكفيري وإزدياد نشاط ونفوذ الحركات الأصولية الإسلامية مع الصراع السني الشيعي الذي ينتشر في بلدان الشرق الاوسط والذي دخل إلى النفوس نتيجة الإحتقان الحاصل منذ أجيال بسبب قصر النظر في التعاطي مع هذه القضية وإستغلالها وتغذيتها من قبل دوائر الإستخبارات التي تتحكم بمسار الأمور في المنطقة.

أمام هذه الصورة القاتمة لما يدور في الشرق والذي أدى إلى تهجير للطوائف المسيحية من العراق إلى سوريا وما يعانونه في السودان ومصر وغيرها من الدول العربية والتي يتعاظم فيها نفوذ الحركات الإسلامية المتطرفة، ما زال قادة الموارنة في لبنان يعيشون في عالم الخيال، عالم السيطرة والنفوذ السلطوي لهم والذي حكموا من خلاله لبنان في القرون السابقة.

لم يتمكن قادة الموارنة عبر التاريخ، إلا قلة منهم، من أن يتعايشوا مع واقع المتغيرات السياسي والديمغرافي، وكانوا وما زالوا يعتقدون أن الغرب المسيحي هو الضمانة لهم ولوجودهم ولدورهم، وهذا كان الدافع لرفضهم تقديم أية تنازلات في الحكم أو القبول بالمشاركة، وكان هذا الأمر من الأسباب الكامنة وراء إندلاع الحرب الأهلية في لبنان، ومع هذا لم يعترفوا بخلل النظام بل أقروا أن سبب الحرب هو الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان، وإذا كان هذا الوجود عاملا مؤثرا في مجرى الأحداث لكنه لم يكن السبب الحقيقي، بل تعنت الفكر الماروني والذي كان يطلق عليه المارونية السياسية هو السبب فيما وصلت إليه الأمور وتطورت لاحقا في إدخال لبنان في حروب متنوعة نتيجة لما أقدموا عليه عبر التعامل تارة مع النظام السوري وطورا مع إسرائيل للحفاظ على وجودهم، ولم يدركوا حتى الآن أن الدول ترعى مصالحها لا مصالح الآخرين.

فكما نشاهد اليوم أن ما يحصل من تهجير للمسيحيين من العراق لم يحرك الغرب ساكنا أمامه، ولم تنطلق حاملات الطائرات ولا حلف الأطلسي للحد من ظاهرة داعش التي انتشرت بشكل مستغرب بعتيدها وعتادها والتي تشكل خطرا حقيقيا على واقع ومستقبل المنطقة. ويبدو أنه في مكان ما هنالك قطبة مخفية يستفيد منها الغرب لتأمين مصالحه الدولية.

وأمام هذه الأخطار ما زال قصر النظر يتحكم بعقلية القادة الموارنة، إلا قلة منهم لكي نبقي على بصيص أمل، فالصراع فيما بينهم للإمساك بالقرار أفقدهم تولي مسؤولية رئاسة الجمهورية، وقد علموا اللبنانين طبيعة التعايش مع فكرة الفراغ في سدة الرئاسة، أي أنه ما من مشكلة لوجود هذا الفراغ، وبالتالي لم يقتصر التهجير على ترك الأرزاق حتى وصل الأمر إلى ترك المهام والمسؤوليات، وهم بطريقة أو بأخرى يساهمون عن قصد أو بدون قصد في الإسراع في إفراغ لبنان والمنطقة من المسيحيين.

كيف يقتنع المسيحي بالمحافظة على أرضه وأملاكه ولا يقدم على البيع إذا كان الإفراط وصل إلى التخلي عن حق تولي رئاسة الجمهورية. إن الحديث لم يعد يتعلق برئيس قوي أوغير قوي، الحديث يتعلق بالقيمة المعنوية والدستورية لتولي هذا المقعد الشاغر وما يعكسه من بث لروح الطمأنينة للمسيحيين في لبنان وفي هذا الشرق.

إن الكنيسة المارونية التي كان لها سلطة ونفوذ على مسار الحكم في لبنان عليها مسؤولية كبيرة في وضع قادة الموارنة أمام مسؤولياتهم، وإجبارهم على التخلي عن الأنانية الفردية المطلقة والإنخراط في إيجاد من يتحلى بروح المسؤولية ومن لديه عقل منفتح ومعتدل لفرضه كمرشح للرئاسة الأولى وإنهاء هذه المسرحية الهزلية التي تدمر لبنان وتقضي على ما تبقى من مسيحيين في هذا الشرق.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار