من يتحلى بالجرأة والشجاعة للمطالبة بعودة الانتداب على لبنان؟

وسام القاضي

فشلت جميع القوى السياسية في لبنان بالنهوض بالدولة اللبنانية بعد الحروب المتنقلة والمتنوعة والتي عصفت بأرجاء البلاد. لم تستطع تلك القوى التجانس فيما بينها، وعوضا من أن تضع مجتمعة أسس بناء الدولة، ساهم كل فريق على طريقته بشرذمة الدولة والانقضاض عليها وقضم ما يناسبه من مؤسساتها وإداراتها، حتى وصل بهم الأمر إلى أجهزتها الأمنية، حيث أصبح كل جهاز مصبوغ بلون المذهب الذي ينتمي إليه المسؤول عن الجهاز.

لقد أثبتت الأحداث المتلاحقة منذ إتفاق الطائف والذي وضع أسس إنهاء الحرب اللبنانية، أن القوى السياسية اللبنانية فاقدة للأهلية الادارية والسياسية في إدارة الدولة اللبنانية. حيث أنه وفي إبان عهد الوصاية السورية على لبنان كان الحل والربط يكمن في عنجر لدى رئيس جهاز الأمن والاستطلاع السوري في لبنان من غازي كنعان إلى رستم غزالي، فالحكومات كانت تشكل ب24 ساعة واللوائح الانتخابية توزع دون أي إعتراض والقوانين الإنتخابية تفرض على الجميع. وما بعد الانسحاب العسكري السوري من لبنان عام 2005 ، إرتهنت القوى السياسية في لبنان بالدول الخارجية، وأثبتت أنها لا تمتلك قرارها وهي أداة بغض النظر عن مضمون الخطابات والتصريحات التي تجيش العواطف لجماهيرها، ودخل لبنان في اللعبة الدولية والتجاذبات الإقليمية.

فمهما حاولوا أن يتحدثوا عن السيادة وعن الاستقلال وعن المقاومة، فكل من يتلقى التمويل من الخارج هو فاقد للأهلية الوطنية كونه مرتهن بقراره لمن يموله، فكيف إذا كان الدعم ماديا وعسكريا ولوجستيا، وهذا أدى إلى تفاقم الصراع خاصة مع إنغماس البعض في الصراعات والنزاعات الإقليمية، بغض النظر عن الشعارات الفضفاضة لتبرير التدخل من هنا أو من هناك.

إن من لا يستطيع إنتخاب رئيس للجمهورية، ولا يستطيع تشكيل حكومة إلا بعد أشهر عديدة ونتيجة لكلمة سر خارجية، ومن لا يستطيع تحريك عمل مجلس النواب هو غير مؤهل وغير قادر على حكم البلاد. ولو كان هنالك شعب في لبنان لكان إنتفض على هذه الطبقة السياسية التي شرذمت الدولة وقوضت الإستقرار وأذلت الناس، إلا أن في لبنان هنالك جماهير وليس هنالك من شعب، فالجماهير تتحرك بالعواطف المذهبية والفئوية، وتصفق دون ان تسمع، وتسير دون ان ترى، أما الشعب الذي يتحرك للإعتراض على الأخطاء هو كالشعب الذي دعم تشرشل في الحرب العالمية الثانية وأسقطه بعد الحرب، الشعب الذي دعم تاتشر في حرب جزر الفوكلاند وأسقطها بعد حكم إحدى عشر عاما، الشعب الذي دعم حركات تحرر في ضرب الأنظمة القمعية ومن ثم أسقطها عندما خرجت عن طريق الثورة.

أما في لبنان فالشعب إمتلكه اليأس والخنوع من الوضع المتردي، فالفساد مستشري، والصفقات تمر من تحته، والإستزلام أهم من الكفاءة، ولا من ماء أو كهرباء، ولا من بنى تحتية أو طرقات، ولا من رعاية صحية أو تربوية، ولا من إحترام لكيان الإنسان، لا دولة تسأل عن شعبها ولا شعب يحاسب قواه السياسية.

فهل من لبناني يجرؤ على المطالبة بعودة الانتداب على لبنان، لكي يبنى قضاء نزيه بعيد عن تدخل السياسيين، وتبنى أجهزة أمنية غير مرتبطة بمذاهب رؤسائها، وتبنى إدارة كفؤة تلبي حاجات المواطنين دون سمسرة وإستغلال، ففرنسا التي إنتدبت لبنان، منذ خروجها تغير دستورها وتطور عدة مرات بينما في لبنان عدنا إلى الوراء بحجة شعارات واهية، وها هي فرنسا دولة انتداب تحاسب رئيس جمهورية سابق، بينما نحن في لبنان نفتقد إلى دولة تحاسب قواها السياسية لأنها تسير باجندة خارجية على حساب لبنان.

فألف رحمة على عصر الإنتداب.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار