ما لا يدركه حزب الله حتى الآن

وسام القاضي

إلى من يتوجه أمين عام حزب الله بخطاباته، ولمن يوجه حزب الله رسالاته بتصرفاته وبسلوكياته؟ هل يريد التجييش المستمر لجمهوره، أم يريد إظهار قوته وقدراته للرأي العام المحلي والخارجي؟ فإذا كان يخاطب خصومه في السياسة من قادة ومسؤولين فقد أخطأ بالبوصلة لأن الصراع لم يعد بين أقطاب السياسة في لبنان بل تخطاها ودخل في النفوس البشرية، وإذا كان يعتقد حزب الله بأمينه العام أو بكل قياداته أن الشعب اللبناني يغير بوصلته وفق مسار تصرفات وخطابات حزب الله فهو خاطىء أيضا. إذ أن الشعب اللبناني منقسم إنقسام حاد بمشاعره وإن كان البعض لا يظهر ذلك علنا.

إن لكل حزب أو تنظيم جمهوره الخاص وتياره السياسي، ولكن في لبنان لم يعد التنافس وفق الأسلوب الديمقراطي الذي يقبل الخاسر بفوز الرابح ويعملا معا لبناء دولة وتطويرها، فالتنافس في لبنان أصبح مفهومه إقصاء الآخر عن الحياة السياسية عبر فرض المسار الأحادي الجانب، ولم يعد هنالك حوار بناء ومشاركة حقيقية وفق الحياة الديمقراطية السليمة.

وظهر جليا أن منطق الإستقواء بالخارج ما زال الأسلوب المعتمد من قبل بعض الأطراف التي تدعي حماية لبنان وصونه، فما جرى في الكرنفال الهزلي في منطقة اليرزة لم يكن يوما إنتخابيا طبيعيا في سفارة لدولة مجاورة، بل كان محضرا سلفا من قبل حزب الله والنظام السوري وحلفائه في لبنان، وتمديد الفترة الانتخابية ليوم آخر أثبت ذلك حيث كان اليوم الثاني يوما طبيعيا بالرغم من إستكمال عملية الإنتخاب.

فإصرار حزب الله على دعم النظام السوري بشخص بشار الأسد يعد إستفزازا علنيا صريحا بوجه نسبة كبيرة من الشعب اللبناني على مختلف إنتماءاتها المذهبية، وهذا الأسلوب يؤدي بحزب الله إلى حصد المزيد من الكراهية والحقد عليه، ولن تبلسم الجراح النفسية حتى ولو تلاقى القادة السياسيون المتخاصمون على طاولة الحوار أو ضمن تسويات معينة، فما تحفر في نفوس المواطنين لن تمحوها لقاءات المصالحة والمصارحة بين القادة. وأكبر دليل على ذلك أن إرتدادات أحداث أيار 2008 ما زلت في عقول الناس ولم تمح من الذاكرة بالرغم من إنقضاء ست سنوات على حصولها ولم تلفح العديد من المحاولات بقلب هذه الصفحة عند نفوس البعض، ومن يحاول نكران هذه الحقيقة الواقعية يكون مثل النعامة التي تخفي رأسها في التراب.

ومهما قيل عن مسار تعطيل المؤسسات في لبنان، ومهما دار من سجالات بين الأطراف السياسية في تحمل وزر عدم إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، فالقناعة راسخة لدى كل مواطن وفق ميوله وآرائه الخاصة، وهذا بالتالي يؤكد الإنقسام العامودي الحاصل بين فئات الشعب اللبناني، لذلك فإن الإستخفاف بالعقول هو أسلوب خاطىء في ظل التطور الحاصل على مستوى الاتصالات والتغطيات الاعلامية، ولا يمكن لخطاب من هنا أو تحليل من هناك أن يغير مزاج المواطنين.

وإذا كان السيد حسن نصرالله يعتبر أن ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة موجودة في النص وفق تنوع اللغة العربية، فعليه أن يدرك أن وجودها في النفوس أهم من النصوص، وليس المقصود جمهور حزب الله الذي هو مؤمن بهذه الثلاثية، بل المقصود شركاء جمهور حزب الله في الوطن، ولا يمكن التعاطي مع كافة المواطنين بالأسلوب الذي يتم التعاطي فيه مع السياسيين، لأن المواطن له شعوره الخاص والذي نادرا ما يعبر عنه في العلن، ولا يمكن تجاهل شعور المواطنين لأن من يسعى لكسب النصوص وخسارة النفوس لن يكون المستقبل آمنا له، بل سيكون عرضة للتحولات الكبرى التي تضرب رحاها مع كل حقبة من التاريخ، والعبرة لمن اعتبر.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار