فلسطين …قضية أم مأساة ؟

وسام القاضي

سجل يوم 15 أيار 1948 على صفحات التاريخ كذكرى لنكبة فلسطين، ويستعيد من بقي حيا من الشعب الفلسطيني الذي تهجر من أرضه في ذلك اليوم المشؤوم، ذكريات مسيرة الألم والمعاناة والقهر، مسيرة التهجير الطويلة التي تكبدها هذا الشعب من أجل البقاء على قيد الحياة. وكثيرون ممن غادروا في ذلك اليوم إعتقدوا أنها حربا صغيرة تدور رحاها وسيعودون بعدها إلى حياتهم الطبيعية فور توقف القتال. وتوهم هذا البعض على أنه ومن خلال المقارنة بين عديد العالم العربي من جيش وشعب وبين عديد عصابات الهاغانا وغيرها من الحركات الصهيونية، على أن النصر آت لا محال.

ومع رفض العرب لقرار مجلس الأمن بتقسيم فلسطين ازداد الأمل لدى اللاجئين الفلسطينيين بالعودة سريعا إلى ديارهم وتحرير أرضهم من رجس العصابات الصهيونية، متسلحين بقدرة العرب وبحجمهم الممتد على دول الشرق الاوسط، إلا أن هذا الأمل أخذ يتبدد مع السنين حيث توالت الهزائم العسكرية والسياسية الواحدة تلو الأخرى، فبعد نكبة 1948 أتى العدوان الثلاثي عام 1956 ومن ثم هزيمة 1967، وما كادت نشوة النصر تقترب من مشاعر الفلسطينيين والعرب عام 1973 حتى جاء إتفاق فصل القوات والذي كان تمهيدا لسبحة الصلح المنفرد الذي بدأ من كامب دايفيد، وكانت بكورة هذا الاتفاق حرب لبنان عام 1982 والتي تم فيها القضاء على البنية العسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأخرج المقاتلين الفلسطينين من لبنان وتوزعوا على بعض الدول العربية، وبعد ذلك إنطلقت قنوات الاتصالات مع إسرائيل وتنقلت بين الاردن والمغرب وغيرها من الدول العربية التي خاضتها سرا أو علنا، وصولا إلى إتفاق أوسلو والذي أدخل الفلسطينيين في نفق المفاوضات الذي بدأ ولم ينته من أجل قيام دولة فلسطينية حرة مستقلة، لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، حي أن تلك المفاوضات لن تنتهي لأن دولة فلسطين التي تريدها إسرائيل غير قابلة للحياة، ومع إسرائيل لم يتمكن العرب يوما من تحقيق الحد الأدنى من المطالب المشروعة.

وكأن هذا الشعب الفلسطيني كتب له التشرد والتهجيرفوقع بين مطرقة إسرائيل وسدان الأنظمة العربية، فما لم تقدم عليه إسرائيل أنجزته بعض أنظمة الدول العربية، فكل نظام أراد الامساك بالورقة الفلسطينية من أجل تعزيز مفاوضاته الخاصة، ومن أجل هذا الهدف سفكت دماء الفلسطينيين في العديد من الساحات العربية، ومن لم تسفك دماءه وضع في مخيمات للاجئين لا تمت بصلة لأبسط قواعد الحياة الانسانية، وهذا الوضع المأساوي دفع بالعديد من سكان المخيمات لإعتماد منهج متطرف قد بلغ أحيانا حد الارهاب، وكيف لا وقد وضع الفلسطيني في مكان معدوم صحيا وبيئيا ومنع عليه العمل، فماذا ينتظر من إنسان حكم عليه بالاعدام بطريقة بطيئة مستمرة يوميا؟ إنسان بلا هوية ولا أرض ولا عمل، وغن كون عائلة فمستقبلها هو التشرد، إنها مأساة لم يشهد مثلها التاريخ.

فكم هو معيب أن تتحول قضية نضالية كالقضية الفلسطينية، قضية حق مكتسب لشعب دفع ثمن وجوده على أرض تغتصبها إسرائيل، قضية ناضل من اجلها العديد من الفدائيين والذين تركوا بصمات ناصعة في سجل الكفاح والنضال والمقاومة، أن تتحول فلسطين من قضية إلى مأساة شعب، فالقضية ضربت من كل حدب وصوب، فتاجر بها كل طرف حسب أهوائه ومصالحه، وتغنى بها البعض لكسب التعاطف والتأييد، وحوصرت وقمعت في العديد من الساحات، وحولوها إلى مأساة للشعب الفلسطيني تحت ظلم الإحتلال وفي دول الشتات وذلك تحت وطأة القهر والظلم والبؤس.

والخوف كل الخوف أن تُمحى فلسطين من الذاكرة لأن من يجاهر بقضيتها من دول وأنظمة لا يبغي إلا قطف ثمار المتاجرة بها، والتفاوض بإسمها في المحافل الدولية لجني المكتسبات الخاصة على حساب شعب قدر له أن يبقى مشردا.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار