النازحون السوريون بين العطف الانساني والعبء الإقتصادي

وسام القاضي

تدخل الأزمة السورية عامها الثالث في ظل لامبالاة للمجتمع الدولي عما يعانيه الشعب السوري من قتل وتشريد وتهجير إضافة للدمار الهائل الذي يصيب وطنه. ولبنان يصاب من جهته بشظايا الحرب الدائرة على الاراضي السورية، وهو الذي يتأثر دوما بما يجري على الخارطة العالمية، فكيف بالأحرى إذا كان ما يحدث هو على المقلب الآخر من حدوده.

لم يدرك المسؤولون اللبنانيون حقيقة وأبعاد الأزمة السورية منذ انطلاقتها، فالبعض اعتقد أنها أزمة عابرة سيحسمها النظام خلال أيام، والبعض الآخر وضع سيناريو سقوط النظام خلال أسابيع، ولم يضع هؤلاء الإحتمال الأقوى وهو أن سوريا دخلت لعبة الأمم أو بصريح العبارة ستشهد إعادة بزوغ فجر الحرب الباردة.

وظهر تشدد لدى بعض القوى السياسية في لبنان حول إقامة مخيمات للاجئين السوريين، وربط هؤلاء بين تشييد هذه المخيمات وما حدث مع التهجير الفلسطيني سابقا، وكأن وجود المخيمات ستكون خطوة لبقاء السوريين في لبنان، إلا أن ما حدث هو إنتشار ما يناهز المليون نازح سوري في كافة المناطق اللبنانية وبشكل عشوائي، وبأعداد تتزايد مع إزدياد وتيرة التصعيد في سوريا.

إن قصر النظر في مقاربة مخاطر الأزمة السورية من قبل المسؤولين اللبنانيين يدفع ثمنها الشعب اللبناني، فالتعاطف الإنساني مع المأساة الذي يعيشها الشعب السوري لا لبس فيها، فالعديد من العائلات لا تعرف ما يحدث مع أفرادها الباقين داخل سوريا، ومن نزح يبحث عن مورد لتأمين لقمة عيش الأطفال والنساء، وهذا حق مشروع، إلا أن اللبنانيون وجدوا أنفسهم بين انتشار غير منظم للنازحين السوريين في مدنهم وقراهم مما أثر سلبا على حياتهم المعيشية، واصبح التنافس يزداد بين العامل السوري الأدنى كلفة والعامل اللبناني الأغلى كلفة، حتى أن بعض الأشقاء السوريين فتح مصالح في القرى تنافس مصالح اللبناني في مورد رزقه، من افتتاح أفران أومحلات للخضار وحتى ملابس، وظهر البعض من المستثمرين السوريين الذين فتحوا مصانع في لبنان، في ظل عدم متابعة ومراقبة من المراجع الاقتصادية، إذ أن اللبناني يدفع الرسوم والضرائب بشكل مباشر بينما لم يتم وضع أطر تنظم استثمار وعمل السوريين.

وأمام الوضع الاقتصادي المتردي في لبنان نتيجة الأزمة السياسية وتعطيل عمل المؤسسات التشريعية والتنفيذية، ازدادت مخاوف المواطن اللبناني، فقدرة لبنان الاقتصادية والبنيوية لا تستطيع تحمل هذا العبء الكبير الناتج عن نزوح السوريين إليه، فلا الطاقة الكهربائية والمائية تتحمل، ولا فرص العمل متوازنة، ولا القدرة الأمنية اللبنانية قادرة على حماية ممتلكات المواطن اللبناني بشكل سليم، إذ أن السرقات والخطف لطلب الفديات يزداد نتيجة الحاجة والعوز عند اللبناني والسوري على حد سواء، ولا بد من وضع حد لهذا الفلتان لأن الأمور ذاهبة الى حد الانفجار المعيشي والاقتصادي.

وعليه يتبين أن رفض إقامة مخيمات للنازحين السوريين هو خطأ فادح تاريخي ولا بد من إعادة النظر فيه، لأن وجع المواطن اللبناني يزداد، ومن غير الوارد وضع أعباء إضافية على كاهله خاصة وأنه يدفع الأمَرين نتيجة الانقسام الحاد والعامودي بين طرفي النزاع في لبنان. فليُحَكم الساسة في لبنان عقلهم ويبصروا جيدا في المخاطر المحدقة ويتخذوا القرار المناسب قبل أن يصبح اللبناني نازحا في وطنه.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار