حكومة تتلهى بالكلمات والشعب يدفع الثمن

وسام القاضي

     إعتاد اللبنانيون على الوقت الضائع في وطنهم، فالانتاجية تتناقض مع مفهوم الدولة وفق القاموس السياسي في لبنان، وبالتالي ليس جديدا أن يأخذ البيان الوزاري وقتا ليبصر النور، فولادة الحكومة الغير طبيعية أخذت عشرة أشهر وقبلها دخلت رئاسة الجمهورية في الفراغ، والمجلس النيابي ينام بين الحين والآخر نوم أهل الكهف، لكن المفارقة في أن يعيش السياسيون القيمون على الحكم في لبنان في عالم آخر بعيد كل البعد عن واقع الأمور، وبصريح العبارة فإن الحكومة تشبه النعامة التي تخفي رأسها في التراب ظنا منها أن ما من أحد يراها، بينما الحقائق تصطع كالشمس أمام أعين الرأي العام.

    ما قبل تشكيل الحكومة كما بعدها، يستمر السجال حول ما يسمى ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة من جهة، والبيان الوزاري من جهة أخرى، وكل جهة تتشدد وتتثبت بمواقفها وكأن الأمور سائرة وفق تلك الشعارات، فحزب الله لم ينتظر يوما تشريعا رسميا ليقوم بنشاطاته العسكرية، و14 آذار لم تستطع تنفيذ بنود إعلان بعبدا بالنأي بالنفس عن الأزمة السورية، وحتى وزير الخارجية السابق عدنان منصور كان يغرد خارج سرب رئيسي الجمهورية والحكومة، فلم اللهو بمصطلحات ستبقى حبرا على ورق. وإذا كانت قوى 14 آذار تتوهم أن البيان الوزاري إذا تضمن إعلان بعبدا سيحد من عمل وحركة حزب الله على صعيد الأزمة السورية فهي مخطئة، وإذا كان حزب الله يتوهم أن البيان الوزاري إذا تضمن ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة سيعطيه سقفا سياسيا وشعبيا لاستراتيجيته فهو مخطىء أيضا.

    إن الرأي العام في لبنان منقسم إلى ثلاث فئات: فئة تناصر 14آذار وفئة تناصر 8 آذار وفئة إشمأزت من كلا الفريقين وتعاني الأمرين من عبء الحياة المعيشية والاقتصادية وزاد عليها حاليا العبء الأمني، هي فئة وسطية حيادية ترى في لبنان المنفس الطبيعي الديمقراطي المتنوع في هذا الشرق والمطلوب المحافظة عليه، وبالتالي كان يتمنى المواطن اللبناني أن تهتم الحكومة العتيدة بأمور جوهرية تلتزم فيها ببيانها الوزاري والتي هي من أولويات إهتمامات المواطن.

    فعلى سبيل المثال، إن إنشاء سجن مركزي متطور وحديث من الأولويات لكي تطوى صفحة سجن رومية ومأساته اليومية التي تتكرر من ضيق المكان على كثرة المساجين وما يحدث من هروب دائم، كما وأن تأمين المياه في لبنان في ظل انخفاض هائل لمعدل الأمطار هو من الأولويات، وانهاء مسرحية التقنين في الكهرباء هو من الأولويات، وتحسين شبكات الارسال وتوسيع خدمة الاتصالات للانترنت في المناطق كافة هو من الأولويات، وتحسين الطرقات ليتمكن المواطن من التنقل مقابل ما يدفعه من رسوم هو من الولويات. كما وأن الحد من السرقات وتحديدا السيارات والتي كان المطلوب الاهتمام بها قبل أن تصل البلاد إلى خطورة إستعمال تلك السيارات في الأعمال الانتحارية.

     ولا يغيبن عن بالنا موضوع النازحين السوريين وما يشكل من قنبلة إقتصادية موقوتة ستؤثر سلبا على لبنان وعلى إقتصاده الذي لا يستطيع بقدراته الحالية أن يستوعب هذا الكم الهائل من النازحين.

     ما تم ذكره هو القليل القليل من الأمور المهمة المطلوب رعايتها وإيجاد الحلول لها لأنها من سلم أولويات وإهتمامات المواطنين على كافة إنتماءاتهم، وبالتالي ليتجرد البعض من الوزراء ومن خلفهم بتلك القشور البالية والتي يختلفون عليها والتي لن تقدم أو تؤخر بواقع الاصطفافات السياسية، لأن البلاد على شفير الهاوية والتاريخ لن يرحم من أدخل لبنان في هذا الأتون المدمر.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار