كفى استخفافا بعقول البشر

وسام القاضي

ملّ وضجر اللبنانيون من الحديث عن الحكومة وعن تشكيلها، وسئموا من سماع الأحاديث والسجالات منذ أكثر من عشرة أشهر، وأكثر ما يثير بداخلهم الاشمئزاز هو الادعاء بالحرص على الوطن من قبل هذا الفريق أو ذاك لتبرير المواقف المتشنجة.

يدرك اللبنانيون ان نبرة التصعيد بالمواقف عند تكليف الرئيس سلام بالشروط التعجيزية كانت بايحاء من الخارج لدى الفريقين حزب الله وتيار المستقبل، وأن التنازل الذي حصل بالشكل من حيث تخفيض حدة التصعيد وخفض سقف الشروط كان بايحاء من ايران لدى حزب الله ومن السعودية لدى تيار المستقبل، وبالتالي كانت فرصة سانحة للاستفادة منها في تشكيل الحكومة العتيدة، إلا أنه وكما في كل مرة يواجه لبنان استحقاق ما تأتي العقدة العونية في الواجهة، وهذه العقدة يستفيد منها الفريقين المتخاصمين، فحزب الله ليس مستعجلا لتشكيل حكومة يتقاسم فيها النفوذ مع خصمه، ولا تيار المستقبل مستعجل للجلوس مع حزب الله واعطائه سقف سياسي لتدخله العسكري في سوريا. وبهذا يكون العماد عون قد قدم خدمة للفريقين على طبق من فضة.

وفيما خص مطالب العماد عون، فبالرغم من أن كتلته النيابية الحالية هي كتلة وازنة، ولكن هنالك طوائف في لبنان لها وزنها الفعلي أيضا، فكيف يطالب العماد عون بحقوق المسيحيين من خلال الحفاظ على وزارتي الطاقة والاتصالات، وكتلته النيابية تضم من طوائف متعددة، فلم لا يكلف شخصية غير مارونية من كتلته غير الصهر العتيد بتولي وزارة الطاقة وكذلك الامر بالنسبة الى الاتصالات، ويكون بذلك تم الحفاظ على مبدأ المداورة.

إن الأمر ليس بالمضمون الذي يتحدثون به، فالعماد عون المرشح الدائم لرئاسة الجمهورية ما زال يطمح الى الوصول الى الكرسي الرئاسي مهما تقدم به العمر، وبما أنه يجد مدى صعوبة تحقيق هذا الحلم وبالتالي فهو يدفع بصهره ليكون الرقم الصعب في المعادلة السياسية اللبنانية من بعده، وبالتالي كل ما يحكى عن حقوق المسيحيين بالشكل ليس إلا حقوق العماد عون وصهره باسيل بالمضمون.

أين أصبح الوجود المسيحي في الشرق عموما وفي لبنان تحديدا، وما هي نسبة الهجرة المسيحية الى الخارج سنويا، وما هي نسبة بيع أراضي المسيحيين في لبنان، وكم من مسيحي استثمر ببناء مسكن أو عمل له جنوب خط الشام، وهل وضعت ورقة التفاهم بين العماد عون وحزب الله حدا لذلك؟

أما الحديث عن وزارات سيادية فهو هرطقة سياسية بكل ما للكلمة من معنى، فهل الموارنة والروم الاورثوذوكس والسنة والشيعة هم أحرص على لبنان ومستقبله من الموحدين الدروز؟ فقد تولى منذ الاستقبال كبار رجالات لبنان من الموحدين الدروز أمثال كمال جنبلاط ومجيد ارسلان وبهيج تقي الدين وصلاح سلمان وعادل حميه عدة مرات وزارات الداخلية والدفاع والمالية، وكانوا مثالا لرجالات الدولة، فتحت أي ذريعة يقصى الدروز عن ما يسمى بالوزارات السيادية، وهم الذين سطروا الصفحات البيضاء في تاريخ لبنان.

وها هو وليد جنبلاط وحده يتحرك على الساحة السياسية لتقديم المبادرات واحداث فجوة لتلاقي الاطراف من أجل تشكيل حكومة جامعة، وهو يدرك تماما أن حصته ستكون الاقل وفق منطق الاقصاء في هذا النظام اللبناني العفن.

إننا لم نكن نتحدث يوما وفق منطق طائفي، ولكن طفح الكيل من هؤلاء السياسيين المتجددين والذين يستخفون بعقول المواطنين ويطلقون الشعارات الرنانة بينما أهدافهم صغيرة وضيقة، وكما قيل يوما فإن للصبر حدود، وصبر الواطن الشريف والعقلاني والبعيد عن هذه الأجواء المقيتة له حدود.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار