المسيحيون يخطئون مجددا

وسام القاضي

دخلت منطقة الشرق الاوسط في منعطفات خطيرة نتيجة الاحداث والتطورات التي حدثت وتحدث مع بداية القرن الواحد والعشرين، وإذا عدنا الى الوراء عشرات السنين لوجدنا التغير الشاسع بالواقعين الديمغرافي والسوسيولوجي، وبما أن لبنان هو النقطة الحساسة في خارطة المنطقة، فبالتالي كان للأحداث المتغيرة تأثيراتها المباشرة على الساحة اللبنانية.

مع نشوء اسرائيل عام 1948 وبزوغ فجر القومية العربية والمد الناصري لاحقا، شعر المسيحيون أن وجودهم في خطر، وهذا الشعور ترجم على الساحة اللبنانية تحديدا عبر تمسك القوى السياسية المارونية تحديدا بالامتيازات التي حصلت عليها في النظام اللبناني إبان الانتداب الفرنسي.

وجاء رفض تلك القيادات عن اجراء الحد الادنى من الاصلاحات في نظام طائفي رجعي بمثابة دق اسفين في بنية هذا النظام والذي أدى الى أحداث ابتدأت منذ الانقلاب الابيض عام 1952 ومن ثم ثورة 1958 مرورا بحرب السنتين 1975 و1976 وإلى ما حدث بعدها من حروب وتطورات متسارعة وصولا الى يومنا هذا.

إن رفض القيادات المسيحية والتي كان يطلق عليها المارونية السياسية التجاوب مع مطلب المعلم الشهيد كمال جتنبلاط والحركة الوطنية بإجراء اصلاح للنظام السياسي في لبنان عبر تبني البرنامج المرحلي للاصلاح، كان قصر نظر نابع من خوف لا مبرر له استنادا الى ما أصبح عليه اليوم المسيحيين بشكل عام والموارنة بشكل خاص من دور وواقع على حد سواء، إذ أن كافة مفاصل الدولة كانت بقبضتهم ويبسطون سيطرتهم على معظم الاجهزة الامنية والعسكرية والادارية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وكان مطلب كمال جنبلاط والحركة الوطنية آنذاك تحقيق المشاركة الفعالة في الحكم عبر التمثيل الصحيح، ولبنان كان في ذلك الوقت بعيد كل البعد عن أي حركة أصولية متطرفة، بل كان الفكر اليساري ممتدا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.

وضعف النظر هذا لدى القيادات المارونية جعلها ترتمي في أحضان النظام السوري طالبة النجدة العسكرية وفتحت بذلك الباب أمام هذا النظام الذي استفحل في فرض سيطرته الكاملة على لبنان بالاغتيالات والتفجيرات والتهديدات والاعتقالات، وبعد انقلاب القادة الموارنة على هذا النظام لجأ البعض منهم الى التعامل مع اسرائيل والذي نتج عنه الاجتياح الاسرائيلي عام 1982.

إن مجريات الأحداث تلك وقراءة ما يجري حاليا من استهداف للوجود المسيحي في الشرق لم يعلم تلك القيادات المارونية في لبنان أن الخطر يكمن في طريقة تعاطيهم مع المسائل الداخلية في البلاد، وتناحرهم فيما بينهم حول الغنائم يضعفهم ويضعف البلاد برمتها معهم، ولم يقتنعوا مطلقا بأن وحدتهم الداخلية هي من وحدة لبنان، وعليهم أن يتجردوا من الأنانية الشخصية للوصول الى توافق بحده الأدنى، لأن المسيحيين هم بالحقيقة ضمانة وجود لبنان بتنوعه في هذا الشرق.

أخطات القيادات المارونية في السابق ولم تحسن قراءة الوضع السياسي في المنطقة وآفاق المستقبل، لأنها أرادت الاستئثار بالحكم، وهي ما زالت تتناحر فيما بينها من أجل نفس الهدف، وهم لم يدركوا بعد أن الحكم في لبنان أصبح هامشيا بسبب منطق التوافق الذي طغى على منطق الديمقراطية بعد اتفاق الطائف، وبعد هذا التغيير الديمغرافي والسوسيولوجي في البلاد، فعن أي امتيازات ما زالوا يتمسكون والبلاد دخلت في عاصفة هوجاء.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار