عَوْدٌ على بدء

وسام القاضي

       وكأن اللبنانيون كانوا بحاجة الى دورة من العنف القاتل عبر السيارات المفخخة لكي يعود فريقا النزاع في لبنان الى رشدهم ويستأنفوا البحث جديا في تشكيل حكومة 8-8-8. فتلك العنجهية التي رافقت مواقف الاطراف السياسية بالشروط والشروط المضادة لم تثمر سوى إلى تأزيم الوضع وشحن النفوس وإذكاء نار الحقد والكراهية والتي أدت بطرق مباشرة أوغير مباشرة الى دخول عناصر ارتوت بتلك النار الحاقدة وعملت على وضع العبوات الناسفة بالتفجيرات التي شهدتها الساحة اللبنانية من طرابلس الى الضاحية الجنوبية مرورا ببيروت.

        ما هو المتغير التي جعل من يطالب بالثلث المعطل أن يقبل بصيغة المشاركة العادلة ويقبل بمداورة الحقائب، ألم يلمسوا الخطر المحدق في لبنان الا بعد حدوث الانفجارات، ألم يدركوا الكارثة الاقتصادية التي أصابت البلاد من مشرقها الى مغربها والتي طالت كافة شرائح الشعب اللبناني. هل أدركوا قبل فوات الأوان أن حدوث الفراغ بكافة مؤسسات وادارات الدولة سيؤدي الى الانهيار الشامل وستنقلب الطاولة على رؤوس الجميع. أم أنهم تأكدوا أن رئيس الجمهورية والرئيس المكلف أخذا القرار النهائي والحاسم بتشكيل حكومة واقعية وليس أمر واقع كما يدعون، فالواقعية تأتي وفق واقع الاوضاع التي تعانيها البلاد وهذه الاوضاع تتلخص بأن البلاد مقسومة عاموديا بشكل حاد ولا يوجد أي اتصال بين الطرفين وبالتالي لا حل بالأفق بين الفريقين. فهل يترك رئيس الجمهورية البلاد مشرعة نحو الفراغ، لذلك كان لا بد من احداث صدمة تدفع بالأطراف السياسية للشعور بالحد الأدنى بالمسؤولية الملقاة على كاهلهم من قبل الشعب الذي انتخبهم.

        وكما هو ظاهر فإن الرأي العام اللبناني هو الذي دق ناقوس الخطر عبر شعوره الدائم بالخطر السياسي والمني والاقتصادي على حد سواء، بينما البعض من الاطراف السياسية يتغذى من هذا الجو المقيت ليطلق العنان لحناجره الحاقدة واللاواعية، والذي يظن من خلال قرقعة طبوله الفارغة، أنه بتهديده أو وعيده يتحكم بمفاصل الدولة، ويرعب اللبنانيين فيبسط نفوذه وآرائه على مسار الوضع في البلاد.

        كم كنا بغنى عن تلك المهاترات، وكم كنا بغنى عن تلك الاستفزازات وردات الفعل اللاعقلانية، كم كنا بغنى عن اقحام أنفسنا في حروب خارجية لا نقدم ولا نؤخر فيها، فلعبة الامم أكبر من اللبنانيين جميعا، ولا يحسب لهذا الشعب أي حساب عندما يتقاسم الكبار مناطق نفوذهم في العالم، وكل من يزايد في الموضوع السوري سيتم التلاعب به كأحجار الدامى على طاولة جنيف 2.

        من هنا كان لا بد من أن يتعاطى فريقا النزاع 8 و14 بحس المسؤولية الكاملة ويجنبوا البلاد الوضع الشاذ والمتعثر نتيجة العلاقة السيئة بينهما، حيث يخونون بعضهم بعضا ويهددون بعضهم بعضا، وينكرون حق المشاركة في تقرير مستقبل البلاد لكل منهما. ويدعون الحرص على الوطن من خلال مواقفهما المتشددة، بينما المطلوب هو الحوار الهادىء والرزين والذي ينطلق من الحد الأدنى للتفاهم المشترك من أجل بناء وطن لا مزرعة.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار