بين الأمس واليوم وغدا

وسام القاضي

طويت صفحة زمنية من عمر الكون وفتحت صفحة جديدة، وبالرغم من أن عدد الصفحات يفوق المليارات، لكنها على صعيد لبنان تحسب بالسطور والكلمات وحتى بالأحرف، فالوقت يمر بصعوبة وقساوة على شعب قدر له أن يعاني الأمرين لرداءة وضعه. فإدارة الدولة سيئة، والنظام السياسي متخلف، وموقعه الجغرافي حساس. والشعب اللبناني يعيش “من قريبه” كما يتداوله الناس كمثل شعبي، ويتعاطى المواطنون مع شؤونهم تحت شعار “يومك بيومك” إذ أن الأحداث تطور بشكل لا يعلم أحد بمسارها، حتى كبار القوم من السياسيين لم يعودوا قادرين على وضع سيناريو للأحداث اللاحقة، لذلك نراهم يتعاطون بشكل انتقائي وفق أولوية الأحداث التي تلم بالبلاد.

وعلى المفترق الفاصل بين عام 2013 و2014 نلمس عبارة يرددها اللبنانيون كما في كل عام “انشاءالله السنة تكون أفضل من سابقاتها”، وكأنهم يدركون في العمق أن الأوضاع ذاهبة الى المزيد من التدهور، ورجاءهم المتكرر على مفترق السنين لا يتغير ولا يلاقي أي صدى له، فالمولجون زمام الامور السياسية في هذا البلد قد تخلوا عن الحد الأدنى من الادراك للخطر المحدق بمستقبل هذا البلد، والبعض منهم لم يأخذ عبرا من الأحداث التي مرت على لبنان عبر التاريخ، وما زال هؤلاء يتوهمون أنهم يستطيعون السيطرة على البلاد ومؤسساتها، ويستطيعون حكم الوطن بقدراتهم الذاتية، ونراهم يهددون ويتوعدون، والبعض الآخر فقد الدور الريادي للمواجهة، وسُحب البساط من تحت قدميه، واستمر بالتعاطي من دون أي خطط أو مشروع انقاذي للبلد.

أما المواطن الذي لم يؤمن يوما بعنجهية هذا الفريق واستكبار ذلك الفريق، يدفع الثمن الغالي لايمانه بالعيش في هذا الوطن، مع علمه أن المؤسسات التابعة للدولة اللبنانية قد أصابها الاهتراء والشلل التام، إنه المواطن الذي يئس من عجز 14 آذار على تقديم مشروع سياسي متطور وسئم من نهج وسلوك 8 آذار، إنه المواطن الذي اختار موقعا وسطيا له فهو لا يريد هذا الاصطفاف العامودي والافقي على حد سواء بين الفريقين والذي يدمر لبنان.

فاللبناني الذي عانى في الامس من الحروب المتنقلة والمتنوعة على الساحة اللبنانية، وذاق مرارة تدخل الجهات الاقليمية والدولية في دعم الفرقاء المتصارعين، يعاني اليوم من مأساة اقتصادية وأزمة سياسية وعجز اداري لتسيير عمل الدولة اللبنانية، وهو يتطلع الى الغد القريب بأمل تشوبه المخاوف والمحاذير من أجل الولوج الى حل لأزمات أصبحت بمنظوره مستعصية نتيجة لارتباط وارتهان كل جهة سياسية لبنانية بمرجع خارجي، وأصبح الانتماء الى الوطن بنظرهم مذلة بينما يتفاخرون بارتباطهم وانتماءاتهم لدول وجهات خارجية.

إن الوضع يتطلب خطوات جريئة وبثبات لوضع تسوية تاريخية لانقاذ ما تبقى من هذا الوطن، وإذا كان البعض يعتقد أنه يحسم الأمور بقرارات تدخل البلاد في نفق مظلم فهو واهم، وإذا كان البعض الآخر يظن أنه يستطيع حسم الوضع الداخلي بقدراته العسكرية والعددية فهو واهم أيضا. فمن سطر تاريخ لبنان عبر عشرات ومئات السنين يستطيع تلقين هذه الجهة أوتلك دروسا في الوطنية وفي المحافظة على البلاد واستقلالها وسيادتها.

من هنا فإن الموقف الوسطي هو الموقف الذي قرأ جيدا نتائج أحداث الأمس، ويعيش مأساة الوضع القائم اليوم، ويدرك المخاطر القادمة في الغد كنتيجة موضوعية للإنقسام الخطير القائم في لبنان، وعليه فإن آمال اللبنانيين المخلصين لوطنهم والصادقين مع أنفسهم يأملون خيرا بهذا الدور الوسطي، الذي وحده بقي عقلانيا في هذا الوطن.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار