ميلاد مجيد لجيل جديد
وسام القاضي
26 ديسمبر 2013
لعله الأمل بأنشودة الفرح يعبر عن مشاعر مئات وآلاف المواطنين الذين مرّ عليهم عيد الميلاد وهم في مكان ما يجتمعون ليتلوا صلواتهم بغد مشرق، خاصة في هذا الشرق مهد الأديان السماوية على اختلافها، متمنين أن يحمل لهم بابا نويل هدية مستقبل واعد بالأمان والسلام والطمأنينة. إذ لم يعد يقتصر بابا نويل وشجرة الميلاد على المسيحيين بل أصبحا رمزا للفرح والعطاء، رمزا للاجتماع العائلي وتلقي الهدايا الموعودة.
نبتعد قليلا بفرحة العيد عن السياسة وألاعيبها، عن المكر والاحتيال، عن التهديد والوعيد، عن الفراغ المقيت بوطن دخل غرفة العناية الفائقة، ولننظر الى خفايا ومعاني ولادة المسيح بما فيها من محبة وتضحية وسلام على الجميع.
وحدهم الصغار ببراءتهم المعهودة ينتظرون هدية العيد من بابا نويل، ويا ليتهم يبقون صغار لكي لا يكبروا في زمن محاط بالآلام والمآسي، ليتهم يبقون في براءتهم الطبيعية ولا يرون في هذا العالم الكذب والنفاق، والاستعلاء والعداء، والقتل والاجرام. ليت شجرة الميلاد بما فيها من زينة وألوان تضيء درب الحياة، درب الذين ابتعدوا عن تعاليم المسيح والنبي على حد سواء، لكي تبقي على فرحة الوجود أمام أعين أولئك الصغار الذين ينتظرون هذا اليوم بفارغ الصبر كل عام مع أحلامهم بهدية العيد التي تسعد قلوبهم.
ولكن كم من طفل ظلمتهم قساوة الحياة، وكم من طفل تشرد وتيتم، وكم من طفل يحلم بمخيلته عن أمر خارج عن واقعه ومحيطه، ولا يجد من حوله الا صورة بشعة عن عالم مقيت، لا يعرف الا القساوة والظلم والاجرام.
البحث عن فرح الوجود في وهج الحياة هو من يبحث عن إبرة في كومة قش في هذا الشرق المشرذم والمبعثر، وربما جسر العبور الذي أنشده مارسيل خليفة إلى شرق جديد، سيبقى حلم الكبار لا الصغار، لأن معاناة الكبار هذه الأيام تخطت قدراتهم وامكاناتهم، وبالتالي أصبحوا محبطين في وطن على شفير الهاوية.
لكن وكما يقول المثل العربي “ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل” وبالتالي يبقى أمل الانسان بأن يأتي بابا نويل العام القادم حاملا في كيسه هدايا للكبار أيضا، هدية السلام والمحبة، هدية الوفاق والاستقرار، هدية الطمأنية، هدية الانفتاح والتعايش، لا جو التعصب والتطرف والتكفير، إضافة طبعا لأمل الصغار بمستقبل واعد، بأن تكون أيامهم أفضل من أيام أسلافهم الذين لم يروا سوى المواجهة وتحمل الأعباء السياسية والأمنية والاقتصادية، وكأن الراحة والاستقرار في هذا الجزء من العالم هو في موقع الخيال. لعله يكون ميلاد مجيد لجيل جديد في وطن حبيب، إلا أنه حلم ويبقى بعيد.