الصقيع والبرد يجمد الحراك السياسي

وسام القاضي

      العاصفة القطبية ” اليسكا ” شغلت الحقل الاعلامي في لبنان على كافة مستوياته، وربما أعطيت العاصفة حجما أكبر مما نتج عنها، وذلك تحسبا من ردات الفعل التي تحدث عند حصول الكوارث الطبيعية تخفيفا على ما يمكن تحميله للمسؤولين اللبنانيين من تقاعس في عملهم أمام التحديات، والغائبين عن سمع الازمات والمشاكل التي تعترض المواطن اللبناني في حياته اليومية.

        وظهرت حركة النهفات والنكات عن العاصفة على صفحات الفايسبوك وعلى رسائل الواتس آب، تعبيرا عن مستوى التهكم والاستهتار بالقيمين على الدولة اللبنانية من قبل فئات من الشعب اللبناني، ونقول فئات لأنه كما يبدو فإن جزءا من هذا الشعب سلم أمره للقدر، والبعض الآخر يسير كالقطيع مغمض العينين أوخوفا من أن يترك لمصيره المحتوم، وتبقى فئة تحاول بالوسائل المتاحة أمامها من أن تعبر عن رأيها وعن الواقع الميؤوس منه والذي يعيشه الشعب اللبناني بكافة فئاته، في ظل دولة دخلت في الموت السريري، أي في غيبوبة تامة، فالمعاناة لا تقتصر عل فريق معين من 8 أو 14 بل أنها تطال كافة شرائح المجتمع اللبناني، بتنوعه السياسي والمذهبي والطبقي.

        كم هو معيب أن تعلن مؤسسة كهرباء لبنان أن الاعتمادات المالية فتحت للبواخر الراسية أمام الشاطىء اللبناني والتي تحمل مادة الفيول صباح اليوم الذي وصلت فيه العاصفة الى لبنان، كم هو معيب أن تصرف الاعتمادات لتنظيف المجاري والأقنية عشية وصول العاصفة، كم هو معيب أن تفتح الاعتمادات لآليات جرف الثلوج في اليوم الذي بدأ الثلج بالسقوط. ويحق لنا أن نسأل في أي وقت فتحت الاعتمادات للهدر والانفاق الغير مشروع في مؤسسات الدولة ووزاراتها على كافة المستويات وعلى نطاق المسؤولين المولجين بحفظ أموال الدولة. وأين أجهزة الرقابة المولجة أيضا مراقبة سير العمل الاداري والمالي، وهل أصبحت تلك الهيئات شكلا لا مضمونا؟ يبدو أن الثلج كشف بعض المستور قبل أن يبدأ في الذوبان، فإذا كان هكذا الوضع حاليا فكيف سيكون عند ذوبانه؟

        وفعلا نجح الاعلام بتغيير بوصلة السجالات السياسية في لبنان، فجمد الصقيع النقاشات الموتورة بين طرفي النزاع في لبنان، وأصبحت البوصلة متجهه الى الأحوال الجوية وما سيترتب عن العاصفة. وبانتظار انحسارها من المؤكد أن السجالات الوخيمة والعقيمة لن تتوقف، وسيبقى أولياء السياسة في لبنان يدورون في حلقة مفرغة، حيث الحلقة الاولى مرتبط حبلها بايران والحلقة الثانية مرتبط حبلها بالسعودية، وطبيعي جدا أن يدفع الشعب اللبناني والذي لا يرتبط بتلك الحلقتين لا من قريب ولا من بعيد، أن يدفع ثمن هذا الصراع بفقدان أطر دولة آمن بها ومشى تحت مظلتها، في الوقت الذي يفرغ محتواها كل من ارتبط بأجندات خارجية.

        لا نعلم هل هي أزمة وطن أم لعنته، هل هي أزمة شعب أم لعنته، هل هي أزمة حكام أم لعنتهم، فكم يتمنى الذين يتمتعون بالوعي في هذا البلد، على قلتهم، أن يبقى الثلج مغطيا مساحات لبنان لكي لا يذوب الثلج ويبان المرج كما يقول المثل. مع العلم أن الثلج الناصع البياض لن يتمكن من ستر عيوب الفضائح بكافة مجالاتها في هذا البلد، حيث يعم الفساد والهدر والكذب والنفاق معظم أركان دولة مهترئة في نظام عفن.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار