الطائرات وطائر النورس والخطر الداهم
محمود الاحمدية
20 سبتمبر 2016
أمس الأول كان في زيارتنا عائلة صديقة… الزوج قائد طائرة مدنية… وأثناء تبادل الحديث في مختلف الأمور التي تهمّ عامّة الناس، توقف فجأة عن الكلام قائلاً: «بتعرف محمود، أوّل مرّة في حياتي وفي مهنتي أموت رعباً عند قيادتي للطائرة؟؟ سألته متفاجئاً ما الأمر؟ فقال: الأسبوع الفائت وعند قيادتي للطائرة ونحن على علو منخفض مرّ أمامي طائر النورس وكنت على أعصابي لثوان معدودة… فقلت له وما أهمية ذلك؟ أجاب: يا صديقي إذا تعرّض لمحرك الطائرة من الممكن أن يسبّب انفجار الموتور… فران صمت طويل… قبل أن يتابع: منذ عدة أسابيع الكل يتذكرون الطائرة الأردنية وتعرض المحرك لطيور النورس وانفجار موتور من الموتورين وجاءت سليمة ونجت الطائرة»… الحقيقة أَنّ كلماته نزلت كالصاعقة عليّ وخاصة عندما قال: أتعجب من هذا التسيب في مطار بيروت، وأتعجب أكثر لماذا تترك الأمور على خطورتها ولا نعالج قبل أن تقع الكارثة… ومن سيكون المسؤول عن حياة الناس إذا تعرضت طائرة لهذه الطيور وانفجرت وذهب ركابها ضحية الإهمال واللامسؤولية؟؟ وسألته لماذا الآن هذه الطيور؟ فأجاب بكل بساطة لكثرة أطنان النفايات قرب المطار!!
من خلال هذه الوقائع ومن قبيل الشيء بالشيء يذكر، طائر النورس هو أحد الطيور المائية، حجمه أكبر بقليل من الحمامة وله جناحان كبيران وعنقه قصيرة، أما ريشه يختلف لونه حسب عمره، والفصل في السنة، وبشكل عام الطيور البالغة منه تكون بيضاء اللون مع بعض البقع على رأسها وهو طائر صاخب يطلب صيحات عالية… وهو طائر ذكي جداً يجيد دسدسة التربة كي يخدع الديدان المتواجدة فيها موحياً لها بأنّ المطر يهطل فتخرج الديدان كي يأكل بمفاجأته لها وهي تجيد التحليق بطريقة معينة وخطرة… ويسعى جميع الطيارين لتوخي الحذر الشديد أثناء قيادتهم للطائرات في الجو، ولكن في بعض الأحيان تواجه الطيارين بعض المشاكل، ومن هذه المشاكل ظهور هذه الطيور بشكل مفاجئ أمامهم، وهناك العديد من الحالات السابقة التي أصاب بها طائر زجاج طائرة أو حتى اصطدم طائر في محرك الطائرة، مع العلم أنّ الاصطدام في المحرك قد يسبب أعطال… وتجمّع الطيور يحصل عادة فوق مناطق مثل مكبّات النفايات، عندها تجد الطيور بأعداد كبيرة في مكان واحد وتكون فرصة الاصطدام عالية… وبالنسبة للنتيجة التي قد يسبّبها اصطدام طائر في الطائرة قد تكون خطيرة، ولتوضيح ذلك لنتخيّلْ أنّ طائراً يزن 2 كلغ اصطدم بطائرة تسير بسرعة 250 كم في الساعة، فإن الطائرة في حالة اصطدامه سيخلّف أثر جسم يزن 20 كلغ يسير بسرعة 25 كلم في الساعة إذاً الأثر ليس بسيطاً.
وموضوعنا الأساسي اصطدام الطير في المحرك نفسه قد يؤدّي إلى انفجار المحرك مهما بلغ حجمه أو ربما عطّل المحرك مع العلم أن حجم الطائر سيكون عاملاً مؤثراً…
ومن أهم الطرق لتجنب هذه الحوادث التي تتبعها الدول اختيار أمكنة لا تستوطنها طيور مهاجرة مع استخدام رادارات متطور لرصد تحركات أي طير يقترب من الطائرات ويستعمل الليزر لاستبعادهم… والأهم الابتعاد وبعشرات الكيلومترات عن مكبات النفايات.
ومن أخطر الحوادث التي حصلت في هذا المجال عام 2009 أدّى اصطدام طائرة أميركية بسرب من الطيور إلى توقف محركاتها عن العمل، ولحسن حظ الركاب فقد اتخذ قائد قراراً جريئاً بإنزالها اضطرارياً في نهر هادسن بالرغم من صلابة المحركات فإنها على سرعات عالية يمكن أن تؤدي إلى أضرار داخلية كبيرة.
من خلال ما ذكرت يتراءى لنا الخطر الحقيقي الذي يسببه الإهمال المتمادى للمسؤولين وترك النفايات بقرب المطار وقرب الكوستا براڤا من المطار عاملان خطيران يؤسسان لحوادث لا تحمد عقباها…
وإذا لم تتخذ إجراءات حقيقية لتفادي هذا الخطر الداهم… الخوف كل الخوف أن يفيق ذات اليوم اللبنانيون على حادثة طائرة لا سمح الله يروح ضحيتها المئات وعندها تتحرك كل الأجهزة…
إنّه نداء مخلص أوجّهه قبل أن تقع المصيبة ـ وعندها سيصرخ العالم كله أغلقوا مطار بيروت.