أكون حيث يكون الحق ولا أبالي
محمود الاحمدية
28 نوفمبر 2018
“إني أُحبّ الحق وأحبّ أفلاطون… فإذا افترقا فالحق أَوْلى بالمحبّة” (أرسطو)
وهل هناك أقدر وأكفأ وأكثر عمقاً وفلسفة في الحياة من أرسطو؟؟
في لقاء حقوقي عربي في إحدى الدول العربية أسرَّ في أذُنَيّ: معجزة أن نجتمع وموضوعنا حقوق الإنسان العربي ولكن في رأيك وعندما تغلق أبواب صالة الفندق حيث نلتقي وفي آخر جلسة وبعد التوصيات، كم سترى إحدى هذه التوصيات مطلق أي توصية، تطبيقاً على الأرض وستعتبر إنجازٌ لهذا المؤتمر!! هي ملهاةٌ بملهاةٍ بملهاة…!!
وتتابعت الصور المريرة أمام ناظري للإنسان العربي وحقوق الإنسان العربي… وتزاحمت الأسئلة في مخيلتي: هل يجيء يومٌ نضع فيه ميثاقاً لحقوق الإنسان العربي؟؟ ميثاق يضمن لكل إنسان عربي حقه في الحريّة وحقه في الديموقراطية وحقه في العدالة؟
هل يمكن أن ينصّ مثلاً هذا الميثاق على منع المعتقلات والمحاكم الاستثنائية ويلزم الحكام باحترام القانون، فإذا خالف أي حاكم القانون وظلم أحد مواطنيه أو مطلق إنسان عربي إلتجأ إلى المحكمة الدستورية العليا يطلب الحق والإنصاف؟؟
هل يمكن أن ينص هذا الميثاق على منع مصادرة أموال العرب في بلاد العرب، ويحترم ملكية هذا العربي احترام لملكية أي مواطن من مواطنيه ويعامله وبمختلف المواثيق كأحد مواطنيه حتى نثبت حقيقة أننا أمة واحدة!
فهل يمكن أن يتم التداول في الحكم وعلى أعلى المستويات وأن يسمح لهذا الكرسي باستقبال أكبر عدد ممكن من الرؤساء المبدعين الذين غيّروا مجرى التاريخ من خلال مراكزهم! بالرؤيا التي يمتلكونها؟ والجرأة والعلم والإقدام تشبهاً ولو من بعيد وبعيداً جداً عن مجد الأندلس!
قليلون جداً بل نادرون الذين يعرفون أنه ومن قلب هذا العالم العربي ومن قلب هذا الشرق وهذا الإقليم وبالذات القدماء المصريون قد سبقوا الأمم المتحدة في اعلان حقوق الإنسان… أعلنوها في كتاب الموتى على لسان الروح وهي تقول للإله أوزيريس:
لم أظلم الفقراء… لم استبد بالعمال… لم أهن أحداً… لم أقتل أحداً… لم أضر أحداً… لم أحرم الأطفال من اللبن… لم أحرم الجوعى من الطعام… لم أغشّ في الموازين… لم اضطهد خصومي… لم أحابِ أصدقائي… بعد ألوف السنين نحتاج في بلادنا العربية إلى ميثاق يقول: لم أعذب مسجوناً، لن أضرب خصماً بالكرباج، لن أعتقل كاتباً عارضني… لن أشنق رجلاً قال لي: لا… لن أهاجم دولة شقيقة… لن ألفق التهم الكاذبة ضد أصدقائي السابقين… لن أقوم بانقلاب عسكري قوامه المصالح الشخصية ولا علاقة للشعب بها… أن أحقق الحرية والديموقراطية مرة واحدة وللأبد، حتى يصبح لنا مكان تحت الشمس…
أخيراً وهذا الأهم: لن أضيق وأخنق مطلق شاب عربي أتوسم فيه أملاً للوطن… وأستفيد من إبداعه من أجل الوطن والأمة… مئات ألوف الأمثلة اقتحمت العالمية كأدمغة ساهمت في تطوير دول هجرتها وانحرمت منها دولنا العربية…
أمنية لعلها تصل حيث يجب حتى نصدق أننا في يوم من الأيام نصنع مجدنا ومجد العالم بأيدينا وتاريخنا خير شاهد!! لَعَلّني أحلَمُ… دعوني أحْلَمُ…
*رئيس جمعية طبيعة بلا حدود