أين الشباب اللبناني من تشكيل الحكومة؟

منهل العريضي (الأنباء)

أتحفنا معظم السياسيين عبر عدة مواقف وبيانات وخطابات ‏بضرورة مشاركة الشباب في الحياة السياسية؛ غير أن الواقع لا يلامس الشعارات المرفوعة. إن كل الحكومات اللبنانية المتواصلة ومنذ ‏عهد الاستقلال لم تشارك فيها أي شخصية شبابية؛ مما يجعل كل السياسات الحكومية غير معنية في حاجات الشباب من خلق ‏فرص عمل والحد من البطالة وخفض معدلات الهجرة المرتفعة وضرورة إنشاء حكومة إلكترونية لخفض معدلات الفساد وتسهيل متابعة المواطنين لشؤونهم الحياتية.

‏إن معظم السياسات الأوروبية والغربية تتجه نحو اشراك الشباب في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك لخلق ديناميكية في التعاطي مع الشؤون الحياتية واليومية للمواطن. فحكومة السويد الحالية تضم عدداً لا بأس به من الشباب وفِي وزارات حساسة كالتربية والتعليم والصحة.

وزير التعليم في حكومة السويد يبلغ من العمر 31 عاماً، حاصل على بكالوريوس من جامعة ستوكهولم بدراسات الشرق الأوسط ومعهد اللغات الشرقية؛ ولديه شهادة مدرّس ثانوية. دخل البرلمان عام 2002 كأحد أصغر البرلمانيين 19 عاماً، مسجلاً رقماً قياسياً في السويد، ثم ترك البرلمان ليعمل بين عاميّ 2006 و2010 كمدير لمدرسة ثانوية، وصحافي. وفي العام 2011 أصبح ناطقاً رسمياً باسم حزب البيئة. كان عضوا في اللجنة الدستورية وشؤون الاتحاد الأوروبي.

%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d9%8a%d8%af
وزيرة المدارس الثانوية ورفع المستوى المعرفي ولدت في البوسنة والهرسك، وأتت إلى السويد حين كانت بعمر الخمس سنوات، تبلغ من العمر الآن 27 عاماً. تعتبر أصغر وزيرة في الحكومة الجديدة، وكانت عضو في المجلس البلدي لهالمستاد بعمر 23 عاماً. درست المحاماة، وتركزُ في عملها السياسي على الرفاهية والعمل والتجارة والتعليم.

وإذا استكملنا عرض الأسماء ‏نجد أن متوسط عمر معظم الوزراء لا يتعدى عمر 45 عاماً.

نحن ‏بحاجة إلى الكوادر الشبابية في خدمة المجتمع اللبناني الذي يتكون من طبقات هي بمعظمها من فئة الشباب. الشباب لتأمين شقق سكنية بأسعار مقبولة ومدعومة من البنك المركزي؛ الشباب لدرس إحتياجات السوق وإيجاد ‏فرص عمل للحد من الهجرة، هجرة الأدمغة ‏والكفاءات. والشباب لتطوير البنى التحتية الفكرية لمجتمعنا الذي هو بأمس الحاجة لثقافة سياسية غير متحيّزة تعمل من خلال مراكز دراسات وتطوير وتوثيق والى تربية مدنيّة تنمي الحس الوطني والسياسي.

‏هل اصبح من الضروري المطالبة بالكوتا الشبابية في مجلس النواب وفي مجلس الوزراء وفي الوظائف الأساسية؟

%d9%83%d9%88%d8%aa%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b3%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d8%a9

‏أوضحت بعض الدراسات التي قامت بها الأمم المتحدة بخصوص لبنان عام 2013 عن دور الشباب اللبناني في الحياة السياسية من خلال النقاط التالية:

١- ‏الشعب اللبناني فتيّ ولكنه غير مُستثمر. ‏تُظهر دراسات أجريت عام 2011 أن متوسط عمر الشعب اللبناني هو 29 عاماً. ‏ويشكل الشباب اللبناني ما نسبته ‏53% من مجمل المقيمين في البلاد.

٢- ‏الشباب اللبناني “مسيّس” ولكنه غير مشارك في الحياة السياسية حيث تستحوذ ‏السياسة على معظم حياة شباب لبنان وهم يشكلون القاعدة الأهم للأحزاب اللبنانية فيبقى الشباب أداة فعّالة ‏للتعبئة السياسية وليس للمشاركة في صنع القرار.

٣- ‏الشباب اللبناني ناشط مدنياً ولكنه ليس فاعلاً في صنع القرار السياسي. ‏تشكل المنظمات الشبابية جزءاً كبيراً من المجتمع المدني في لبنان. ‏كما أن المنظمات الطلابية التي تمارس العملية الانتخابية داخل حرم الجامعات دورها محصور وتفتقد للمطالبة بأمور أكثر أهمية للطالب والطالبة الجامعية.

أخيراً، نجد أن الشباب اللبناني متحمس جداً للتغيير ولكنه غير قادر على ذلك لأن معظم المبادرات الشبابية تعود لتوضع بإطار طائفي أو مناطقي مما يفقدها الحيوية المطلوبة. كما ‏وأن الثقافة السياسية السليمة مفقودة في معظم الاحيان حيث يجب على الشباب أن يتحمل وزر المسؤولية والمسألة للحصول على مشاركة فعّالة في الحياة الديموقراطية.

من هنا نطالب بإعادة تفعيل دور ‏الشباب والعمل على مشاركاتهم الفعالة في الحياة السياسية من خلال خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة، وإقرار الكوتا النسائية لإفساح المجال أمام الشابات للوصول إلى السلطة. كما وأننا بدأنا نلمس أن حقوق الشباب كما حقوق المرأة أصبحت مفقودة مما يدعونا إلى المطالبة بالكوتا الشبابية في كل الحكومات التي ستتشكل في لبنان مستقبلاً.

‏إن إعادة انصاف هذه الفئة الواسعة من الشعب اللبناني ستقودنا حتماً إلى إعادة انصاف جزء كبير من هذا الوطن ومن شرائح هذا الوطن لنبني سوياً مجتمع أفضل للمواطن والشباب اللبناني.

(الأنباء)