نعم … لقد فعلها جعجع

ربيع كمال الدين (الأنباء)

بعد انتظار طويل، تأويلات وشائعات متشعبة، أحداث وتطورات كثيرة….فعلها سمير جعجع، وقام بترشيح العماد ميشال عون للرئاسة اللبنانية. جملة تساؤلات تفرض نفسها بعد هذا الحدث الكبير، ومما لا شك فيه أن الأمور قبل هذا الحدث لن تكون كما بعده. هل سيستمر فرنجية ومن خلفه الرئيس الحريري بالترشيح؟ هل ينفرط عقد 8 و 14 آذار؟ وهل يمكن أن تنشأ جبهة سياسية انتخابية تجمع الأخصام السابقين في مقابل ما أنتجته هذه الخطوة من جمع بين المتناقضات؟

إذاً، الشائعة أصبحت حقيقة، فقد قام الدكتور سمير جعجع قائد القوات اللبنانية بترشيح زعيم التيار الوطني الحر لرئاسة الجمهورية رسمياً،  متخطياً بذلك كل الحواجز والعوائق، التي كانت تمنعه من ترشيح خصمه اللدود، الحليف الأساسي لحزب الله مع ما يحمله ذلك من كسر لمبادئه وتوجهاته الكبرى. قد يكون ما دفعه لذلك وشجعه على القيام بما كان يُعتبر قبل فترة وجيزة ضرب من الخيال واللاواقعية، هو ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية، في الشكل والمضمون، والذي إعتبره وبحسب مصدر في القوات اللبنانية طعنة في الظهر لا يمكن تجاوزها والمرور عليها مرور الكرام.

 فقد رأى جعجع بذهاب الحريري إلى أقصى “المتطرفين” في فريق 8 أذار والأكثر إلتصاقاً بالنظام السوري وبعائلة الأسد، سبباً كافياً لأخذه خيارات مختلفة كلياً قد تكون مرة، إنما تبقيه على الساحة وتجعل منه صانع للرؤساء. وقد كان واضحاً من إحتفال معراب نزعة الحكيم إلى الظهور بمظهر الزعيم القوي، الصانع لقراراته والمبادر في الإتجاه الذي يراه مناسباً له.

في المقابل، يُلاحظ أنه يوجد نوع من الإرتباك في المعسكر الآخر (المولود حديثاً). النائب فرنجية يلتزم الصمت مع ترجيح المقربين منه عدم انسحابه من المعركة الرئاسية، أقله قبل جلاء الأمور بشكل أفضل وأوضح من قبل حلفائه وخصومه “السابقين”. الرئيس الحريري وتيار المستقبل يواجه مأزقاً ليس بقليل، فهو الذي واجه صعوبات في إقناع الحلفاء قبل الخصوم بصوابية قراره بتأييد فرنجية، كيف له أن يرضى بترشيح جعجع لعون وأن يقوم بالتصويت لهذا الأخير، ويعلم أنه في حال الرفض سيُتهم بتقويض الإرادة المسيحية وسيكون لها ارتدادات سيئة وغير محسوبة.

 أما الرئيس بري والنائب جنبلاط وهما اللذين كانا من الداعمين بقوة لترشيح النائب فرنجية، يفضلان التريث باتخاذ موقف سلبي أم إيجابي، ربما لتتبلور الأمور أكثر ولدرس الخيارات كافة. يبقى من الأطراف الرئيسية حزب الكتائب ومرشحه الرئيس أمين الجميل، والذي تبدو الأمور لديه متجهة سلباً، حيث أنه لم تتم إستشارته والوقوف على رأيه في كلا الترشيحين، ومن هنا يرجح بقاء خياراته مفتوحة على كافة الإحتمالات.

من هنا، يبدو أن الأيام القليلة القادمة ستحمل الكثير من الإتصالات والمشاورات والتي من الممكن أن تؤدي إلى تصاعد الدخان الأبيض من قبة البرلمان، مع الإشارة إلى أن كافة الإحتمالات لا تزال واردة، ويمكن للتاريخ أن يعيد نفسه وُينتخب رئيس للجمهورية بفارق بسيط وبمفاجأة غير منتظرة.