“الصفحة الجديدة” تشمل لبنان

الياس الديري (النهار)

من حقّ اللبنانيّين بصورة خاصة أن يسمحوا لأنفسهم بإشهار الرهانات على مفاعيل “الصفحة الجديدة” بين السعوديّة وإيران ونتائجها وأبعادها، ومن الزاوية الأشدّ إلحاحاً وتأثيراً.

أي، بالنسبة إلى الشغور الرئاسي الذي يكاد يدخل شهره الخامس، والذي قيل إن ضغوط بعض الفئات السياسيّة في الداخل هي التي حالت دون إنجاز استحقاقه طوال هذه الفترة.

فأيُّ رهان لبناني في هذا الصدد لن يكون مبنيّاً على تحليلات من هنا وتعليلات من هناك، بل على تقدُّم المحادثات الشاملة بين طهران والرياض، والنتائج الإيجابيّة التي أحرزتها حتى الآن. فضلاً عن تأكيد كبار المسؤولين الإيرانيّين أن التقارب مع السعوديّة يزداد يوماً بعد يوم.

ورغبة منه في إظهار الحجم الواقعي للإنجازات البالغة الأهميّة التي تحقّقت حتى الآن بفضل “الصفحة الجديدة”، يعتبر الرئيس حسن روحاني أن العلاقات بين البلدين تستحقّ أن تكون أفضل، “على رغم أن شقة الخلافات بدأت تضيق”.

وزيادة في التطمين، يجزم الرئيس روحاني “أن مواقف السعوديّة تتقارب معنا أكثر فأكثر، وقد ضاقت هوّة الخلافات بيننا”.

والتفسير الفوري الذي أُعطي لهذه الإشارات الصريحة من رئيس إيران بالذات، أدّى إلى اعتبار البعض أن العلاقات السعوديّة – الإيرانيّة اجتازت معظم العقبات والعراقيل، مما

يدعو اللبنانيّين إلى انتظار انفراجات على أكثر من صعيد. وخلال أسابيع، أمنيّاً وسياسيّاً، وخصوصاً من حيث الاستحقاق الرئاسي الذي به يكون كل شيء… ومن دونه لا شيء سوى الدوّامة الأمنيّة والشلل الاقتصادي.

وهذا التطوّر من الزاوية اللبنانيّة تحديداً، كان قبل فتح “الصفحة الجديدة” بين البلدين لا يختلف عن رابع المستحيلات، أو كغدٍ في ظهر الغيب. لقد بات الآن كما لو أنه من البنود الأساسيّة في قائمة التفاهمات السعوديّة – الإيرانيّة التي تمّت حتى الآن.

بالطبع، ليس كل ما تمّ الاتفاق عليه بين هاتين الدولتين، البالغتي التأثير في المنطقة، ينحصر بالاستحقاق الرئاسي اللبناني، أو بالوضع اللبناني من كل جوانبه، وبكل أزماته.

فهناك “حرب طاحنة” تعدُّ لها واشنطن العدّة الكاملة والضروريّة لتحقيق النجاح المطلوب ضد “داعش” وبقية التنظيمات التكفيريّة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الوضع في سوريا الذي شملته “الحرب الفضائيّة” على ما تفيد الوقائع المنقولة تلفزيونيّاً من أرض المعارك.

أما السؤال الكبير الذي طُرح خلال اليومين الأخيرين، فخلاصته هي الآتية: هل تصل التطوّرات إلى مرحلة يتطلّب نجاحها نزول إيران إلى أرض المعركة، مباشرة أو بالواسطة؟

الحملة الدوليّة المدعومة عربيّاً لا تزال في بداياتها. والآتي قد يكون أعظم.