حروب المنطقة والبازارات المفتوحة!

الياس الديري (النهار)

بـ”داعش” وبدونها. بدولة خلافة وبدونها. باقتراحات “انقلابية” للجنرال ميشال عون وبدونها. بجلسات انتخابيَّة لا ولن يكتمل نصابها وبدونها. بهذا كلّه، وبسواه من الاحتمالات المفتوحة، الوضع اللبناني باق بتشرذماته ومخاطره ومفاجآته في “الثلاجة” كما يقول المصريّون، إلى أن تحين الساعة.

طرحتُ سؤال “متى تقريباً تحين الساعة ويحين الموعد” على مَنْ يُفترض أنهم من المطّلعين هنا وفي بعض العواصم العربيَّة وفي باريس تحديداً، فكانت الأجوبة متشابهة، وعلى طريقة مَنْ يُفسِّر الماءَ بعد الجهد بالماء.

إذاً، القصة اللبنانية ليست محشورة في زاوية الاختلاف على مَن يكون الرئيس العتيد، ومن طينة الأقوياء جسديّاً أم عقليّا وأخلاقيّا، بل هي متصلة مباشرة بكل ما يجري ويحصل في المنطقة، ومن حولنا وحوالينا.

ومرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتطلعات إيران التي تتجاوز الطموح النووي، من غير أن تتنازل عنه، إلى التزعُّم على المنطقة والجلوس في كرسي الدولة العظمى، وصاحبة الكلمة الأولى والدور الأوَّل في الأفراح والأتراح. وفي كل شاردة وواردة. وها هي تجرِّب حالها وحظّها على بيادر سوريا والعراق ولبنان مع امتداد لا يزال ناعماً صوب الخليج.

على هذا الأساس لا بدَّ من الصعود إلى شرفة الانتظار على صعيد الاستحقاق الرئاسي الذي بدأت تعتاده الشعوب اللبنانيَّة المفكّكة الولاء والمتعدّدة الانتماء، مثله مثل كل القضايا التي تتراكم أزماتها تباعاً.

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مقتنع جداً بأهمية موقع لبنان في المنطقة، وبدوره على الصعيد العربي. إلا أنه يعتقد أيضاً أن على اللبنانيين التحلِّي بالصبر والمحافظة على الاستقرار النسبي إلى أن يصل قطار الانفراج، حاملاً معه كل الحلول وكل البشائر.

النائب وليد جنبلاط، الذي تربطه صداقات وعلاقات عريقة مع رؤساء ومرجعيات مؤثِّرة في المنطقة وأوروبا بلوغاً أميركا، يرى لذلك أنَّ لا مناص من التحلِّي بالصبر والانتظار في هذه الفترة العربيَّة الأشدّ حراجة وخطورة من كل ما سبقها.

إنها فترة مصيريَّة بكل معنى الكلمة.

ولكن كيف “نستثمر” هذا الانتظار الذي قد يختم فصل الصيف من غير أن يتزحزح الوضع قيد أُنملة، هذا إذا لم يُفاجئنا تمديد العرض أسابيع أو أشهراً إضافيَّة. مبدئياً للعوامل والأسباب ذاتها. إنما مَنْ يستطيع أن يضمن لحظة واحدة عادية طبيعيَّة وسط هذه الأعاصير والمتغيِّرات، والتي حارت البَرِية في أَمرها، وعجِز حتى كبار المحلّلين الدوليّين عن الإمساك بخيط رفيع من شبكة امتداداتها المتعدّدة الخيوط والأهداف.

غير أن ثمة جامعاً أو قاسماً مشتركاً بين هؤلاء ينطلق من أهمية دور إيران، واحتمال ضلوعها في بعض أو كل ما تشهده ساحات العراق وسوريا و… لبنان أيضاً.
ما بالنا قد نسينا الصفقات، وما تتطلَّبُ من كباشات وليِّ أذرع؟