“المشكلة” مع “حزب الله”، ما هي؟

عبد الوهاب بدرخان (النهار)

عندما يطالب السيد حسن نصرالله “الفريق الآخر” بإعادة النظر في موقفه مما يجري في سوريا، فإنه لا يعني خصومه السياسيين في لبنان فحسب بل يدعو العالم الى انقاذ النظام الذي يزدريه، والى الموت دفاعاً عنه كما يفعل مقاتلو “حزب الله”. فالجميع مخطئون، ونصرالله وحده على صواب، وبهذه المعادلة التعيسة يريد كتابة التاريخ على هواه، فلا مقاومة قبله ولا مقاومة بعده، وهو لا يكتفي بمصادرة مواقف الأجيال التي تعاصره بل يتجاهل الأجيال التي سبقته ويحاكم المجتمعات.

منذ أصبح “حزب الله” موضع اتهام والتباس، سواء في الاغتيالات السياسية أو التورّط في سوريا، لم يعد نصرالله يقتّر في احتقار عقول الناصتين الى خطبه، بمن فيهم المفكّرون والمثقفون الذين تحدّث أخيراً في احتفال خاص بهم، عابثاً بالحقائق والوقائع. اذ يقول إن الذهاب الى سوريا “تأخر”، والحقيقة أن عناصر “الحزب ” رُصدت باكراً جداً، بل ان مصادر من داخل النظام أكدت الاستعانة بقنّاصة منهم. وهو يحدّد “بداية” التدخل في سوريا بـ “حراسة” مقام السيدة زينب في دمشق، وبمعزل عن هذا التبرير فلولا سقوط قتلى بأيدي تلك العناصر لما فكّر أحد في استهداف المقام، حين لم يكن “التكفيريون” قد ظهروا بعد. ثم يقول إن الأمور “تدحرجت” الى القصير و”ما بعد القصير”. لا لم تتدحرج، بل ازداد التدخّل غير المعلن والاحتكاك مع “الجيش الحر” قبل أن يؤمر “الحزب” ايرانياً بالقتال وعندئذ تذرّع نصرالله بـ “حماية سكان لبنانيين” للتغطية، ثم بـ “حماية ظهر المقاومة” ثم بـ “دحر المؤامرة” وأخيراً بـ “محاربة التكفيريين”.

الذهاب الى سوريا كان ولا يزال خطأً تاريخياً يعرفه نصرالله ويتعامى عنه بالهروب الى تبريرات بلغ بها حدّ “محاربة الارهاب” رافضاً الاعتراف بأنه جاء بالارهاب بدل أن يحاربه. وقبل أن يكون هذا التورّط مشكلة لبنان، انه مشكلة “حزب الله” نفسه، فكيف يدّعي أن وجهته هي فلسطين وهدفه تحرير الفلسطينيين من ربقة الاحتلال والظلم، ثم ينكر على شعب سوريا الحق في التحرر من الاستبداد.

لا يمكن حزباً شعاره “المقاومة”، بما تعنيه من مبادئ وقيم، أن يحارب مع نظام يتَمثَّل بجرائمه اسرائيل ويتخطّاها متسبباً للعرب بـ “قضية فلسطينية” ثانية قوامها اقتلاع أكثر من عشرة ملايين سوري من أرضهم وتدمير بيوتهم وبلداتهم وتراثهم الاسلامي التاريخي.

المشكلة مع “حزب الله” هي في العقل السياسي الذي يديره، وفي استسهال الانقلاب على سمعة صنعها بتضحياته ويبدّدها بمغامراته. فـ “حزب الله” الذي عُرف وكان موضع اعتزاز ليس حزب 7 أيار 2008 ولا الحزب الذي يقتل السوريين ويساهم في مخطط لتقسيم سوريا.

اقرأ أيضاً بقلم عبد الوهاب بدرخان (النهار)

النسبية والطائفية لا تلتقيان

إيران تجعل من لبنان “ضفة غربية”!

سوريا إلى مرحلة جديدة من الصراع

نظام إيراني واجهته “نصرالله – عون”

عودة إيران “الدولة” تقلق “حزب الله”

ايران ستصعّد لنيل الاعتراف بهيمنتها

عون و”إسقاط النظام” لمصلحة “حزب الله”

القلمون وغيرها لا تُنقذ نظام الأسد

لبنان بلا رئيس: مرتع للصراع الإقليمي

الرئيس المقبل: للبنان أم لـ “حزب الله”؟

ما بعد “النصر الإلهي” النووي

كيري و”حزب الله” و”معالم المستقبل”

الأسد يريد”جنيف – 2″ انقلاباً على “جنيف – 1”

لبنان و”استراتيجية تحرير كلّ فلسطين”

استكمال المهمة في صيدا

وظيفة “محور المقاومة”

“الفتنة” على أجندة دمشق – طهران

من “النأي بالنفس” إلى الانحياز

“حزب الله” والتدخّل العلني في سوريا

المشروع الإيراني… قبل “الأرثوذكسي”