وظيفة “محور المقاومة”

عبد الوهاب بدرخان (النهار)

بالنسبة الى العرب، الى عموم العالم، كانت الغارات الاسرائيلية عدواناً على سوريا، البلد المستقل ذي السيادة، الذي لم يعتد على اسرائيل كي تبادره برد مضاد. اما بالنسبة الى النظام السوري فإن الغارات تستهدفه في حربه ضد “الارهاب” و”القاعدة”، ولا تستهدف سوريا، ولذلك اتصل بروسيا ليرسل عبرها رسالة استفهام وانذار للولايات المتحدة واسرائيل. حتى انه لم يهتم بكون الضربات موجهة ضد ايران و”حزب الله”، ربما لأن حجم الخسائر في مواقع الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري كان أكبر من ان يقنعه بهذه الحجة التي ردّت بها اسرائيل لتطمينه. لكن طهران رأت في ما حصل محاولة لإضعاف “محور المقاومة”، ورغم انها و”حزب الله” عاجزان اليوم – موضوعياً – عن رد فوري يعيد الاعتبار الى هذا “المحور”، فإنهما أكدا طوال العامين الماضيين انهما لم يتعلما شيئاً من درس لبنان (7 أيار، “اليوم المجيد”!) ولا من ثورة الشعب السوري.

ما يدمي القلب حقاً ان الغارات الاسرائيلية أرادت أن تظهر واقع انكشاف سوريا نهائياً أمام العدو، كنتيجة استطرادية لانكشاف النظام في الداخل والخارج. وهو ما لم يشأ عتاة “محور المقاومة” رؤيته والاعتراف به، كأنهم منتدبون منذ البداية لهذه المهمة: اضعاف سوريا، اخراجها من المعادلة الاقليمية العربية أولاً، ثم المساهمة في تدميرها، وبالتالي المشاركة في تفتيتها لأربعة – خمسة كانتونات/ دويلات. هنا لم تؤكد “المقاومة”، بمفهومها هذا، أنها لا يمكن ان تستقيم الا بالتحالف مع الاستبداد والتماهي معه، بل ذهبت الى حد مؤازرته في القتل والتدمير. كانت هذه المقاومة برهنت، خلال مواجهتها مع العدو الاسرائيلي، أنها ايمان وعقل، ولما أطار الجنون الوحشي للنظام السوري كل صوابها غدا الإيمان مجرد تعصب مذهبي والعقل مجرد آلة للقتل.

ما بدأت اسرائيل تحاول تحقيقه، قبل نحو أربعين عاماً ومن خلال الحرب الأهلية اللبنانية، ها هي توظف “محور المقاومة” في تنفيذه، بإرادته أو رغماً عنه، من العراق الى سوريا ولبنان. فانكشاف سوريا هو تلقائياً انكشاف للبنان، ولا يمكن الاعتماد على خطبة للسيد حسن نصرالله لدحض هذه الحقيقة، كي لا يمكن ان يكون تخزين الصواريخ الايرانية وحده، او عسكرة مجتمع الطائفة وحدها، كافيين للإقناع بأن لدى الحزب رؤية وضماناً للمستقبل. ولو توفرت لديه هذه الرؤية لما ذهب الى القتال في سوريا، أياً تكن الذريعة.

المؤكد ان في قيادة “حزب الله” من يدرك ان التدخل في سوريا خطأ بكل المقاييس، وسقوط اخلاقي ومعنوي للحزب، وغرق في أوحال النظام السوري وأخطائه. بل يدركون ان الحزب مُنع منعا من القيام بالدور الذي هو له بما كان تبقى له من رصيد. لكنها إرادة ايران التي تعتقد ان دعمها للنظام يمنع سقوطه وتتجاهل ان هذا الدعم بات متورطاً في إسقاط سوريا. بمعزل عن الشعارات، ايران كما اسرائيل غير معنية بعروبة سوريا او لبنان، ولا بالشعبين أو بالشأن الوطني لديهما. فهل “حزب الله” معني بالعروبة والوطنية؟

اقرأ أيضاً بقلم عبد الوهاب بدرخان (النهار)

النسبية والطائفية لا تلتقيان

إيران تجعل من لبنان “ضفة غربية”!

سوريا إلى مرحلة جديدة من الصراع

نظام إيراني واجهته “نصرالله – عون”

عودة إيران “الدولة” تقلق “حزب الله”

ايران ستصعّد لنيل الاعتراف بهيمنتها

عون و”إسقاط النظام” لمصلحة “حزب الله”

القلمون وغيرها لا تُنقذ نظام الأسد

لبنان بلا رئيس: مرتع للصراع الإقليمي

“المشكلة” مع “حزب الله”، ما هي؟

الرئيس المقبل: للبنان أم لـ “حزب الله”؟

ما بعد “النصر الإلهي” النووي

كيري و”حزب الله” و”معالم المستقبل”

الأسد يريد”جنيف – 2″ انقلاباً على “جنيف – 1”

لبنان و”استراتيجية تحرير كلّ فلسطين”

استكمال المهمة في صيدا

“الفتنة” على أجندة دمشق – طهران

من “النأي بالنفس” إلى الانحياز

“حزب الله” والتدخّل العلني في سوريا

المشروع الإيراني… قبل “الأرثوذكسي”