كيري و”حزب الله” و”معالم المستقبل”

عبد الوهاب بدرخان (النهار)

تصريحات جون كيري في الرياض كمعظم التصريحات الاميركية بشأن أزمات المنطقة، أقل ما يقال فيها إنها لا تعبّر عن دور سياسي ولا تنطوي على أي فاعلية. وفوق ذلك، يمكنها أن تضرّ ما دامت لا تفيد. فالوضع في لبنان كالوضع في سوريا صار شأناً ايرانياً أولاً وأخيراً، أي أنه سيخضع لأجندة طهران في اندفاعها الى التفاوض مع الولايات المتحدة سواء لإغلاق ملف البرنامج النووي والعقوبات الدولية أو لتثبيت النفوذ الايراني حيثما حقق حالات هيمنة أو اختراق. أما الحال التي أقامها في لبنان فبلغت مديات غير مسبوقة أقلّها “التهديد والتخويف” من جانب “حزب الله” (كما حددهما كيري) ولا تنتهي عند التحكم بتشكيل الحكومة، من دون أن ننسى التدخل المتمادي في القتال داخل سوريا.

لا يريد الوزير الاميركي أن “يُسمح” لـ “حزب الله” بأن “يحدد معالم المستقبل” في لبنان. هذه فكرة طيّبة، لكن ايران هي التي “تسمح” بل تترك للحزب مجال العبث بصيغة النظام والإفساد المتعمّد للتعايش، فما الذي تستطيعه الولايات المتحدة لوقف هذا التخريب؟ لا شيء في المدى المنظور، وفي أفضل الاحوال يمكنها ادراج ذلك في ملفات تفاوض لا أحد يعلم متى يبدأ. في الانتظار تتراكم الأضرار الفادحة لنهج ايران – “حزب الله” على كل المستويات، سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وبالأخص اجتماعياً بفعل الاشتغال على الحقد الطائفي – المذهبي واستثماره. واذا كانت للحزب دوافعه وأهدافه الخاصة، المفهومة وغير المبررة، في اتّباع مثل هذا النهج، إلا أن التغطية التي يوفرها حلفاؤه المحليون لمغامراته وتعنّتاته تشي بأنه قتل “تمايزهم” وأن أجندته صادرتهم نهائياً فباتوا تحت ابتزازاته ولن يستطيعوا لاحقاً معارضة أيٍ من خياراته.

لم يكن الوزير كيري ليشير الى “معالم المستقبل”، بعد محادثات في الرياض، لولا أن الجانبين السعودي والاميركي متخوّفان من تفاقم وطأة ايران – “حزب الله” الحالية على الدولة والجيش والصيغة السياسية في لبنان. وإذ سبق للسيد حسن نصرالله أن سخر من “الفريق (اللبناني) الآخر” ومراهناته على تطوّرات الوضع السوري، فما يتبيّن أنه أكثر المراهنين على “انتصار النظام” لكي يفرض شروطه على اللبنانيين. وفي أفضل الأحوال لا تتعدّى مراهنات “الفريق الآخر” أن يعود “حزب السلاح” الى رشده، شريكاً في الوطن كجميع الافرقاء، وأن يبقى سلاحه كما كان أي موجهاً فقط الى العدو الاسرائيلي الذي لم يزعجه منذ “النصر الإلهي” اياه، لا أن يتطلّع الى تغيير صيغة النظام، أو يبتزّ المكوّنات الاخرى لانتزاع امتياز اضافي لطائفته، أو يورّط الجيش في طرابلس وصيدا وغيرهما، أو ينذر بإنزال عناصره في نواحي بيروت لتعطيل تشكيل حكومة لا تناسبه، أو حتى يتلاعب بملف النزاع القائم حول المفتي…

اقرأ أيضاً بقلم عبد الوهاب بدرخان (النهار)

النسبية والطائفية لا تلتقيان

إيران تجعل من لبنان “ضفة غربية”!

سوريا إلى مرحلة جديدة من الصراع

نظام إيراني واجهته “نصرالله – عون”

عودة إيران “الدولة” تقلق “حزب الله”

ايران ستصعّد لنيل الاعتراف بهيمنتها

عون و”إسقاط النظام” لمصلحة “حزب الله”

القلمون وغيرها لا تُنقذ نظام الأسد

لبنان بلا رئيس: مرتع للصراع الإقليمي

“المشكلة” مع “حزب الله”، ما هي؟

الرئيس المقبل: للبنان أم لـ “حزب الله”؟

ما بعد “النصر الإلهي” النووي

الأسد يريد”جنيف – 2″ انقلاباً على “جنيف – 1”

لبنان و”استراتيجية تحرير كلّ فلسطين”

استكمال المهمة في صيدا

وظيفة “محور المقاومة”

“الفتنة” على أجندة دمشق – طهران

من “النأي بالنفس” إلى الانحياز

“حزب الله” والتدخّل العلني في سوريا

المشروع الإيراني… قبل “الأرثوذكسي”