لبنان و”استراتيجية تحرير كلّ فلسطين”

عبد الوهاب بدرخان (النهار)

هل نسف خطاب الرئيس ميشال سليمان في عيد الجيش دعوته واتصالاته لاستئناف الحوار الوطني؟ ظاهرياً نعم، واقعيا لا، فبورصة الحاجة الى هذا الحوار ترتفع وتهبط حسب الظروف، وهي الآن في ذروتها عند “حزب الله” بعدما بالغ في التأزيم الى حدّ تجميد “حكومته” ومنع ولادة حكومة جديدة يعرف سلفاً أنه لن يتمكّن من الاستئثار بها مع حلفائه أو بالأحرى أتباعه.

وعندما أبدى السيد حسن نصرالله استعداداً للحوار كانت لديه أغراض عدة: أولاً، إغراق الاحتقان الداخلي في صورة للأفرقاء جالسين الى طاولة واحدة، بمعزل عن النتائج. ثانياً، تمييع الحقائق حول دور حزبه (بعلم الجيش أو رغماً عنه) في أحدث عبرا – صيدا، علماً بأن أحداً لم يشرح للبنانيين ما علاقة النهب المنظّم للبيوت بتصفية “ظاهرة الأسير”. ثالثاً، دفع النقاش نحو “الاستراتيجية الدفاعية” لتأكيد شرعية السلاح طالما أنه مع “المقاومة”، على أمل أن يخفف ذلك حدة الخلاف على مشاركة حزبه في القتال الى جانب النظام في سوريا. رابعاً، استباق القرار الاوروبي بإظهار “الحزب” كمحرّك وطني للحوار والتوافق، ما يتناقض جذرياً مع اعتباره ارهابياً.

كل هذه الأهداف بدت وتبدو مكشوفة وملتوية، ثم جاء خطاب الرئيس سليمان في الأول من آب ليبرز الموقف الصحيح: إمرة السلاح تكون للدولة ومهمة الجيش تستحيل مع ازدواجية السلاح وإمرته. لم يكن سليمان في صدد الانقلاب على “المقاومة”، كان يقول الحق من موقع عدم العداء، وكان يدافع عن الدولة والجيش، يتساوى في ذلك أن يتوافق كلامه أو يتعارض مع هذا الفريق أو ذاك.

استوعب”حزب الله” سريعاً أن سليمان خرج نهائياً من نهج الخداع – الانحياز الذي بالغ اميل لحود في “مأسسته”. لكن، كالعادة، فضّل “الحزب” أن يستند الى فائض قوته المسلحة ليتجاهل عملياً موقف الرئيس، ويبدو أنه طلب من أقطابه أن يكظموا غيظهم وألا ينساقوا الى سجال لا مصلحة فيه بل يحقق مصلحة الخصوم، فـ “السلاح غير الشرعي” يحمي نفسه بنفسه، وربما يُحمى أحياناً بالصمت. لكن تُرك لـ “إعلام 8 آذار” أن يُطلق عنان وقاحته في الردّ على مضمون الخطاب وكيل الاهانات لصاحبه.

في اليوم التالي، “يوم القدس” حسب الأجندة الايرانية، اختار الأمين العام نصرالله أن يردّ بخطاب شاءه للمرة الأولى”شيعياً”، كما وصفه معظم الإعلام، ليقول داخلياً ان موقف سليمان معادٍ للطائفة الشيعية التي تدعم “المقاومة” وسلاحها، وليقول اقليمياً ان السنّة مقصّرون في الدفاع عن القدس. لكن خطاب نصرالله أكد مجدداً أن هدف “مقاومته” تحرير كل فلسطين، أي أنه لم يعد متمسكاً بالحوار على “استراتيجية دفاعية” لا تعترف بهذا الهدف.

اقرأ أيضاً بقلم عبد الوهاب بدرخان (النهار)

النسبية والطائفية لا تلتقيان

إيران تجعل من لبنان “ضفة غربية”!

سوريا إلى مرحلة جديدة من الصراع

نظام إيراني واجهته “نصرالله – عون”

عودة إيران “الدولة” تقلق “حزب الله”

ايران ستصعّد لنيل الاعتراف بهيمنتها

عون و”إسقاط النظام” لمصلحة “حزب الله”

القلمون وغيرها لا تُنقذ نظام الأسد

لبنان بلا رئيس: مرتع للصراع الإقليمي

“المشكلة” مع “حزب الله”، ما هي؟

الرئيس المقبل: للبنان أم لـ “حزب الله”؟

ما بعد “النصر الإلهي” النووي

كيري و”حزب الله” و”معالم المستقبل”

الأسد يريد”جنيف – 2″ انقلاباً على “جنيف – 1”

استكمال المهمة في صيدا

وظيفة “محور المقاومة”

“الفتنة” على أجندة دمشق – طهران

من “النأي بالنفس” إلى الانحياز

“حزب الله” والتدخّل العلني في سوريا

المشروع الإيراني… قبل “الأرثوذكسي”