الكل لمحاربة داعش ولكل طرف هدف آخر

رفيق خوري (الأنوار)

كيف قُتل القيادي في داعش أبو محمد العدناني وأين وعلى يد من؟ سؤال – لغز يتنافس الكبار على توضيحه بما يزيده غموضاً عبر ادعاء المسؤولية عن القتل. روسيا أعلنت قتله مع أربعين آخرين بغارة جوية. أميركا وصفت الاعلان الروسي بأنه مزحة بعدما قالت انها قصفت سيارته بصاروخ من طائرة بلا طيار. وقوات سوريا الديمقراطية التي عمادها الكرد قالت ان رصاصاتها قتلته. وليس من المعقول أن تتمكّن ثلاث جهات من قتل رجل واحد في ثلاثة أمكنة. ولا من المستبعد أن يكون العدناني لقي حتفه على يد جهة رابعة.

لكن ذلك مجرد رمز لما يحدث في حرب سوريا، حيث المواقف الواضحة على السطح والألغاز في العمق. فكل طرف يعطي الأولوية لمحاربة داعش وبقية التنظيمات الارهابية التكفيرية، وهو يعمل لتسجيل هدف آخر. النظام تصرّف من البداية على أساس انه يواجه مؤامرة كونية وتنظيمات ارهابية عدّة، لكي يتجنّب البحث الجدّي في تسوية لأزمة حقيقية قادت الى حرب، ولتركيز الضربات على المعارضة. أميركا تقود تحالفاً دولياً للقضاء على داعش وتتولى قصفه بشكل بطيء، وعينها على تغيير النظام بالتفاوض. وروسيا تدخلت مباشرة في الحرب تحت عنوان القضاء على داعش، وهي تريد الحفاظ على النظام وتحقيق أهداف استراتيجية وجيوسياسية في سوريا ومن خلال دورها في سوريا، بحيث تولت قصف المعارضين وبأكثر مما قصفت داعش.

وتركيا التي أرادت اسقاط النظام ودعمت المعارضة ثم تدخلت مباشرة في القتال تحت عنوان الحرب على داعش، تتحرك عملياً لمنع الكرد من اقامة كيان فيديرالي في المنطقة المتصلة بالحدود معها، ولاقامة منطقة آمنة تتحكم بها. وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي عمل بالتنسيق مع النظام ضد المعارضة، ثم اضطر للصدام مع داعش ومقاتلته في عين العرب ومنبج تحت غطاء جوي أميركي ودعم سياسي روسي لترتيب مشروع روج آفا الذي قاد الى الصدام مع النظام في الحسكة والقامشلي. وايران دخلت الحرب ومعها التنظيمات الحليفة لحماية النظام دفاعاً عن مشروعها الذي عنوانه محور الممانعة، فكانت أقلّ معاركها مع داعش.

ولا شيء يوحي ان القضاء على داعش مهمة عاجلة بالنسبة الى أميركا وروسيا والنظام وتركيا وايران وبقية اللاعبين. فما يحدّد وتيرة الحرب ضد داعش أمران: أولهما نوعية المستفيدين من تركيز الجهد العسكري على داعش. وثانيهما هوية القوى التي تمسك بالأرض بعد القضاء على داعش، وبالتالي تبلور الصورة الأخيرة للمشهد المتحرك على خارطة سوريا ونوع النظام المطلوب. ولم يكتمل بعد أي من الأمرين.

اقرأ أيضاً بقلم رفيق خوري (الأنوار)

أزمة حكم أعمق من الطابع الدستوري

صراع المصالح والعصبيات في نظام فيتوقراطي

أي ترجمة عملية لانتصارات بوتين؟

صراع ما بعد الحرب على داعش

حكومة هندسات سياسية وديمقراطية ممرات الزامية

تقاسم الخارطة السورية ومحاربة داعش بالتفاهم

واشنطن وطهران والرياض: أي موقع للبنان؟

أميركا والعالم: مخاطر ما بعد الانتخابات

فصل رئاسي في محنة أميركا

تحديات تحييد لبنان: أين ناصر عون؟

لبنان والمنطقة: معارك في حرب واحدة

شطرنج بوتين وأوباما: أي خيار في حلب؟

لقاء مضطرين لا تفاهم حلفاء

حسابات معركة الموصل: هل انتهت وظيفة داعش؟

كلفة تخطي بوتين للقياصرة والسوفيات

بوتين والقياصرة والسوفيات: ثوابت الجيوبوليتيك الروسي

الخلاف الأميركي – الروسي هو الوجه الآخر للاتفاق

خريف الأمم المتحدة: التفرّج على الجحيم

أوهام رهانين ثابتين في متغيرات سوريا

اتفاق كيري – لافروف ل تنظيم الحرب