تحديات تحييد لبنان: أين ناصر عون؟

رفيق خوري (الأنوار)

لا أحد يتوقع مفاجآت في الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها الرئيس ميشال عون اليوم وغدا. ولا شيء يعرقل ما هو معلن في التفاهمات الثنائية. بصرف النظر عما هو غير معلن وعن المواقع المختلفة لأركان التفاهمات. المفاجآت منتظرة بعد تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة الأولى للعهد الجديد. أولا في حرب المحاصصة التي اسمها المستعار المشاركة، حيث التطاحن على الحقائب السيادية والحقائب – الكنوز ورغبة البعض في تأخير التأليف الى الحد الأقصى، وبالتالي ممارسة ما يشبه الجهاد الأصغر. وثانيا في تحدي الجهاد الأكبر الأصعب الذي هو جهاد النفس ضد الفساد وإغراء المال والسياسات الكيدية.

وليس المهم ان يصبح خطاب القسم أساس البيان الوزاري بل أن تأتي الحكومة على صورة خطاب القسم ومثاله. فلا رئيس الجمهورية يستطيع ان يحقق وحده ما التزمه، وهو يضع تصوره للمستقبل آخذا بعين الاعتبار صور الآخرين في المشهد الواقعي. ولا الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني الذي ركّز عليه الرئيس عون يأخذ معناه ان لم يكن عملية تغيير وخروج حقيقي من الستاتيكو الحالي. وهو ستاتيكو فرضه الحرص على حد أدنى من الاستقرار بسبب الحاجة الاقليمية والدولية الى خدمات لبنان خلال حروب المنطقة وخصوصا حرب سوريا، وبينها رعاية أكثر من مليون ونصف نازح سوري وفلسطيني والحؤول دون تدفقهم على أوروبا. وهذا، لا حكمة أمراء الطوائف، ما ساهم في منع وصول النار المندلعة في المنطقة الينا، مع ان قوة أساسية في لبنان منخرطة في الحريق الاقليمي.

ذلك ان انتخاب العماد عون هو نقطة تحوّل في واحد من اتجاهين: إما تحييد البلد عن الصراعات الخارجية وممارسة سياسة خارجية مستقلة حسب خطاب القسم، وإما الاندماج أكثر في صراع المحاور وتكريس انتصار محور على آخر، كما تقول قيادات في الحرس الثوري الايراني وأوساط حليفة في بيروت ودمشق وصنعاء. الاتجاه الأول صعب لكنه ضروري ويحتاج الى أوسع تضامن وطني كما الى قوة عربية تدعمه. والاتجاه الثاني أصعب وان بدا سهلا، فوق كونه خطرا وخطيرا.

والمثال أمامنا في تجربة الرئيس فؤاد شهاب الذي جاء لاعادة تصحيح الاتجاه السياسي للبنان بعدما ذهب بعيدا في معسكر الغرب الأميركي والأوروبي. والمساعدة في اعادة التوازن الى سياسة لبنان الخارجية جاءته من أقوى زعيم عربي هو الرئيس جمال عبدالناصر. والسؤال اليوم هو: أين ناصر عون في العالم العربي؟ أليس ما نعانيه مع العالم العربي هو غلبة الهوية المذهبية على الهوية الوطنية والهوية القومية واستقواء القوى الاقليمية على العرب؟

اقرأ أيضاً بقلم رفيق خوري (الأنوار)

أزمة حكم أعمق من الطابع الدستوري

صراع المصالح والعصبيات في نظام فيتوقراطي

أي ترجمة عملية لانتصارات بوتين؟

صراع ما بعد الحرب على داعش

حكومة هندسات سياسية وديمقراطية ممرات الزامية

تقاسم الخارطة السورية ومحاربة داعش بالتفاهم

واشنطن وطهران والرياض: أي موقع للبنان؟

أميركا والعالم: مخاطر ما بعد الانتخابات

فصل رئاسي في محنة أميركا

لبنان والمنطقة: معارك في حرب واحدة

شطرنج بوتين وأوباما: أي خيار في حلب؟

لقاء مضطرين لا تفاهم حلفاء

حسابات معركة الموصل: هل انتهت وظيفة داعش؟

كلفة تخطي بوتين للقياصرة والسوفيات

بوتين والقياصرة والسوفيات: ثوابت الجيوبوليتيك الروسي

الخلاف الأميركي – الروسي هو الوجه الآخر للاتفاق

خريف الأمم المتحدة: التفرّج على الجحيم

أوهام رهانين ثابتين في متغيرات سوريا

اتفاق كيري – لافروف ل تنظيم الحرب

قمة الشيزوفرينيا السياسية: خطر الفراغ وخطر اللافعل