تقاسم الخارطة السورية ومحاربة داعش بالتفاهم

رفيق خوري (الأنوار)

معركة حلب تدار بالتقسيط، وان كان مصيرها محددا. والأسئلة تدور حول مرحلة ما بعد المعركة وحساباتها بالنسبة الى حرب سوريا ومستقبل البلد وطبيعة النفوذ فيه. فالقراءة في الخارطة السورية لم تعد سهلة ولا مرشحة لأن تبقى ثابتة. أولا لكثرة اللاعبين، وبينهم من يتصرف على أساس انه صار صاحب دين على اللاعب السوري سواء في النظام أو في المعارضة. وثانيا للتداخل والتقاطع بين خطوط الصراعات وخيوط التفاهمات. وثالثا لأن وحدة سوريا أرضا وشعبا ومؤسسات لم تعد خارج التساؤلات في الواقع وان كانت لا تزال ثابتة في خطاب الجميع.

ذلك ان القوى المتفاهمة على اعطاء الأولوية للحرب على داعش وبقية التنظيمات الارهابية مختلفة على مستقبل سوريا. وهي تعرف ان داعش ليس مجرد ردّ فعل على الغزو الأميركي للعراق بمقدار ما هو فعل له حاضنة شعبية غاضبة وقوى ساهمت في صنعه أو أقله في توظيفه. وتعرف أيضا ان الأزمة في سوريا سابقة لظهور داعش، وانها من العوامل التي فتحت أمامه الطريق الى دولة الخلافة، وان صار مشكلة خطيرة في سوريا وعليها كما على المنطقة والعالم.

ومن الوهم، مهما تكن القوة النارية، الرهان على حلّ عسكري وتجاهل الحاجة الى حلّ سياسي، ولو تمّ القضاء على داعش.

والمشهد يوحي ان المعارك تدار بنوع من التفاهم على تقاسم الجغرافيا والأدوار قبل أن تتبلور نهائيا صور الصراعات الجيوسياسية. أميركا تدير معركة الرقة بقوى كردية وعربية في موازاة معركة الموصل بالجيش العراقي والبيشمركة والحشد الشعبي الشيعي والحشد العشائري السني. روسيا تلعب الدور المهم في معارك حلب وادلب وحماه وحمص وبالتالي في سوريا المفيدة لها وللنظام ولايران والميليشيات التابعة لها. تركيا تقيم تحت عنوان الجيش الحر منطقة نفوذ في شمال سوريا تضم جرابلس ومنبج والباب وتمنع الكرد من ربط المناطق التي يسيطرون عليها. الكرد يمارسون نوعا من الفيديرالية في روج آفا. المعارضون في جيوب متغيرة في الغوطة ومحافظات حمص وحماه وحلب وادلب. والنظام في دمشق وبعض الغوطة وحمص وحماه وكل مدن الساحل وعلى الطريق الى توحيد حلب بمساعدة ايران وحزب الله وميليشيات عراقية وباكستانية وافغانية.

والكل يقاتل لانهاء داعش وجبهة النصرة التي صارت جبهة فتح الشام وبقية الارهابيين. والخيار أمام اللاعب الجديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي يعطي الأولوية لمحاربة داعش هو اتباع عقيدة أوباما بالتفاهم مع الرئيس فلاديمير بوتين والاستعداد لأن يصبح حليف سوريا كما يقول الرئيس بشار الأسد.

اقرأ أيضاً بقلم رفيق خوري (الأنوار)

أزمة حكم أعمق من الطابع الدستوري

صراع المصالح والعصبيات في نظام فيتوقراطي

أي ترجمة عملية لانتصارات بوتين؟

صراع ما بعد الحرب على داعش

حكومة هندسات سياسية وديمقراطية ممرات الزامية

واشنطن وطهران والرياض: أي موقع للبنان؟

أميركا والعالم: مخاطر ما بعد الانتخابات

فصل رئاسي في محنة أميركا

تحديات تحييد لبنان: أين ناصر عون؟

لبنان والمنطقة: معارك في حرب واحدة

شطرنج بوتين وأوباما: أي خيار في حلب؟

لقاء مضطرين لا تفاهم حلفاء

حسابات معركة الموصل: هل انتهت وظيفة داعش؟

كلفة تخطي بوتين للقياصرة والسوفيات

بوتين والقياصرة والسوفيات: ثوابت الجيوبوليتيك الروسي

الخلاف الأميركي – الروسي هو الوجه الآخر للاتفاق

خريف الأمم المتحدة: التفرّج على الجحيم

أوهام رهانين ثابتين في متغيرات سوريا

اتفاق كيري – لافروف ل تنظيم الحرب

قمة الشيزوفرينيا السياسية: خطر الفراغ وخطر اللافعل