لبنان والمنطقة: معارك في حرب واحدة
رفيق خوري (الأنوار)
28 أكتوبر 2016
كما في الشغور الرئاسي كذلك في ملء الشغور: معركة ليست معزولة عن المعارك العسكرية الدائرة في سوريا والعراق واليمن. وهي جبهات في حرب واحدة تدار بسلسلة من التفاهمات والصدامات والخطوط الحمر في لعبة صراع جيوسياسي كبير. وإذا كانت الجبهة في لبنان سياسية حارة حيناً وباردة حيناً آخر، فإنها محكومة بسطوة القوة مع التسليم بحدود القوة في مجتمع تعدّدي. وإذا كان السيد حسن نصرالله قد أعلن ان حزب الله يعود من سوريا بعد الإنتصار، فإنه أوضح من قبل معادلة المشاركة في الحرب الى جانب النظام بالقول: من يريد أن يقرر مصير لبنان يجب ان يكون حاضراً في مصير المنطقة.
واللافت في اللعبة الكبيرة هو تداخل العوامل على ثلاثة مستويات: صراع على السلطة بين قوى محلية لم تعد محصورة بنظام ومعارضة. صراع وتنافس على النفوذ والحصص بين قوى إقليمية أبرزها ايران وتركيا والسعودية. وصراع وتعاون وتفاهم على الشراكة في إدارة النظام العالمي والنظام الإقليمي بين أميركا متردّدة بقيادة الرئيس باراك أوباما وروسيا مندفعة بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين. والبارز هو التنسيق بين الأدوار لمنع الصدام، حيث تتولى واشنطن وموسكو ضبط اللاعبين. فلا مجال لربح معركة الموصل من دون الدور الأميركي، ولا لربح معركة حلب من دون الدور الروسي. ومن الضروري، كما يقول وزير الدفاع الأميركي اشتون كارتر، ربط معركة الموصل ضد داعش بمعركة عزل الرقة عاصمة الخلافة الداعشية. وهذا ما يراه خصوم أميركا فصلاً في خطة لإقامة حاجز جغرافي يقطع طريق ايران الى سوريا ولبنان.
لكن حلب ليست الفضاء الوحيد المفتوح للطيران الروسي، ولموصل والرقة ليستا الفضاء الوحيد المفتوح للطيران الأميركي. وما تشرف عليه أميركا وروسيا هو توزيع الأدوار. فالرئيس التركي اردوغان يبلغ أوباما انه يريد الوصول الى الباب ومنبج في إطار عملية درع الفرات التي تفاهم عليها مع بوتين، ويعرض المساهمة في معركتي الرقة والموصل. والتحذير الموجّه ٌليه يوحي أن بوتين يريد تحرير الباب من داعش ويضعها بالتفاهم مع طهران ودمشق ضمن سوريا المفيدة تاركاً معركة الرقة لأميركا.