اتفاق كيري – لافروف ل تنظيم الحرب
رفيق خوري (الأنوار)
15 سبتمبر 2016
الدور الروسي في سوريا ليس بلا حدود، خلافاً لأمنيات البعض وخيالات البعض الآخر. لكن الرئيس فلاديمير بوتين يلعب الدور بمهارة، سواء بالنسبة الى الأداء العسكري في حرب سوريا أو الى توظيفه في الأداء السياسي في المنطقة والعالم. وهو يعمد الى المبالغة في رؤية اللعبة على المسرح، بحيث يقول ان الشرق الأوسط ليس المنطقة الوحيدة التي بات مستقبلها مرهوناً بمصير سوريا. وهذا بالطبع يريح اللبنانيين الذين يسلمون بأن على لبنان المأزوم أن ينتظر ما تنتهي اليه حرب سوريا لكي يعرف كيف يخرج من المأزق.
والظاهر ان موسم القطاف يقترب في سوريا بعد الاتفاق الأميركي – الروسي. قطاف الثمار الجيوسياسية للدور العسكري الروسي. وقطاف رؤوس الارهابيين في داعش وسواه. وفي الحالين يحتاج الدور الروسي الى الدور الأميركي، سواء كان بوتين يتلاعب بالرئيس باراك أوباما ويفضّل اللعب معه في أيامه الأخيرة بدل أن ينتظر الادارة المقبلة أو كان أوباما يمارس لعبة ذكية وخبيثة ضمن قراءة واقعية للمصالح الأميركية في المنطقة. وفي الحالين أيضاً يبدو اتفاق كيري – لافروف في جنيف مملوءاً بالثقوب مثل الجبنة السويسرية.
ذلك ان القراءات حملت الكثير من الملاحظات والتحفظات، لدى الذين قبلوه في معسكر النظام وحلفائه ومعسكر المعارضة وداعميها، كما لدى الرافضين له والمرفوضين المسجلين في خانة الارهاب. والمفارقة ان موسكو الحريصة عادة على السرية تطلب نشر الاتفاق كاملاً، في حين تتردد واشنطن المشهورة عادة بالكشف. والسبب مفهوم: ما قدمته روسيا من تنازلات أقل بكثير مما قدمته أميركا، وما أحرزته من مكاسب أكثر بالطبع.
لكن من الصعب تصوير اتفاق كيري – لافروف بأنه البداية الفعلية لرسم خارطة الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد سايكس – بيكو. فهو أولاً اتفاق ناقص، وان جاء في خمس وثائق، بحيث دخل في كل التفاصيل العسكرية وتقديم المساعدات الانسانية من دون ان يضع الخطوط العامة للتسوية السياسية. وهو ثانياً اتفاق تعتمد كل مرحلة فيه على نجاح المرحلة السابقة، وإلاّ توقفت اللعبة. وهو ثالثاً اتفاق ل تنظيم الحرب الى جانب وقف الأعمال العدائية. إذ يحدد الأماكن المسموح للنظام باستخدام الطيران فيها والأماكن التي يدور فيها القصف الأميركي والروسي ضد داعش والنصرة من خلال غرفة عمليات مشتركة. وهو رابعاً ينظم حدود الدور التركي ودور الكرد من دون أية اشارة الى دور ايران وحلفائها، ومن دون جهد لاعادة النازحين السوريين الى مناطق آمنة في سوريا.
والحد الأدنى المأمول فيه هو شيء من إراحة المدنيين المعذبين.