اتفاق كيري – لافروف ل تنظيم الحرب

رفيق خوري (الأنوار)

الدور الروسي في سوريا ليس بلا حدود، خلافاً لأمنيات البعض وخيالات البعض الآخر. لكن الرئيس فلاديمير بوتين يلعب الدور بمهارة، سواء بالنسبة الى الأداء العسكري في حرب سوريا أو الى توظيفه في الأداء السياسي في المنطقة والعالم. وهو يعمد الى المبالغة في رؤية اللعبة على المسرح، بحيث يقول ان الشرق الأوسط ليس المنطقة الوحيدة التي بات مستقبلها مرهوناً بمصير سوريا. وهذا بالطبع يريح اللبنانيين الذين يسلمون بأن على لبنان المأزوم أن ينتظر ما تنتهي اليه حرب سوريا لكي يعرف كيف يخرج من المأزق.
والظاهر ان موسم القطاف يقترب في سوريا بعد الاتفاق الأميركي – الروسي. قطاف الثمار الجيوسياسية للدور العسكري الروسي. وقطاف رؤوس الارهابيين في داعش وسواه. وفي الحالين يحتاج الدور الروسي الى الدور الأميركي، سواء كان بوتين يتلاعب بالرئيس باراك أوباما ويفضّل اللعب معه في أيامه الأخيرة بدل أن ينتظر الادارة المقبلة أو كان أوباما يمارس لعبة ذكية وخبيثة ضمن قراءة واقعية للمصالح الأميركية في المنطقة. وفي الحالين أيضاً يبدو اتفاق كيري – لافروف في جنيف مملوءاً بالثقوب مثل الجبنة السويسرية.

ذلك ان القراءات حملت الكثير من الملاحظات والتحفظات، لدى الذين قبلوه في معسكر النظام وحلفائه ومعسكر المعارضة وداعميها، كما لدى الرافضين له والمرفوضين المسجلين في خانة الارهاب. والمفارقة ان موسكو الحريصة عادة على السرية تطلب نشر الاتفاق كاملاً، في حين تتردد واشنطن المشهورة عادة بالكشف. والسبب مفهوم: ما قدمته روسيا من تنازلات أقل بكثير مما قدمته أميركا، وما أحرزته من مكاسب أكثر بالطبع.
لكن من الصعب تصوير اتفاق كيري – لافروف بأنه البداية الفعلية لرسم خارطة الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد سايكس – بيكو. فهو أولاً اتفاق ناقص، وان جاء في خمس وثائق، بحيث دخل في كل التفاصيل العسكرية وتقديم المساعدات الانسانية من دون ان يضع الخطوط العامة للتسوية السياسية. وهو ثانياً اتفاق تعتمد كل مرحلة فيه على نجاح المرحلة السابقة، وإلاّ توقفت اللعبة. وهو ثالثاً اتفاق ل تنظيم الحرب الى جانب وقف الأعمال العدائية. إذ يحدد الأماكن المسموح للنظام باستخدام الطيران فيها والأماكن التي يدور فيها القصف الأميركي والروسي ضد داعش والنصرة من خلال غرفة عمليات مشتركة. وهو رابعاً ينظم حدود الدور التركي ودور الكرد من دون أية اشارة الى دور ايران وحلفائها، ومن دون جهد لاعادة النازحين السوريين الى مناطق آمنة في سوريا.
والحد الأدنى المأمول فيه هو شيء من إراحة المدنيين المعذبين.

اقرأ أيضاً بقلم رفيق خوري (الأنوار)

أزمة حكم أعمق من الطابع الدستوري

صراع المصالح والعصبيات في نظام فيتوقراطي

أي ترجمة عملية لانتصارات بوتين؟

صراع ما بعد الحرب على داعش

حكومة هندسات سياسية وديمقراطية ممرات الزامية

تقاسم الخارطة السورية ومحاربة داعش بالتفاهم

واشنطن وطهران والرياض: أي موقع للبنان؟

أميركا والعالم: مخاطر ما بعد الانتخابات

فصل رئاسي في محنة أميركا

تحديات تحييد لبنان: أين ناصر عون؟

لبنان والمنطقة: معارك في حرب واحدة

شطرنج بوتين وأوباما: أي خيار في حلب؟

لقاء مضطرين لا تفاهم حلفاء

حسابات معركة الموصل: هل انتهت وظيفة داعش؟

كلفة تخطي بوتين للقياصرة والسوفيات

بوتين والقياصرة والسوفيات: ثوابت الجيوبوليتيك الروسي

الخلاف الأميركي – الروسي هو الوجه الآخر للاتفاق

خريف الأمم المتحدة: التفرّج على الجحيم

أوهام رهانين ثابتين في متغيرات سوريا

قمة الشيزوفرينيا السياسية: خطر الفراغ وخطر اللافعل