لا تأثير للصدمات في جسد ميت

رفيق خوري (الأنوار)

الشغور الرئاسي قرار يتعلق برهان على مصير الجمهورية، وليس مجرد نتيجة للخلاف على شخص الرئيس. ولبنان محكوم بالتكيف معه، بدل التخلص منه. ولا أحد يعرف متى تنتهي حرب سوريا التي يربط كثيرون الشغور الرئاسي بما تنتهي اليه في سوريا نفسها وكيف يعود منها حزب الله. ولا الى متى يستمر تأجيل تسريح الحكومة التي كان يجب اعتبارها، حسب الدستور، مستقيلة يوم ٢٥ أيار ٢٠١٤ لو جرى انتخاب رئيس. لكن الكل يعرف أن مجلس الوزراء يبدو مثل أوركسترا بلا قائد ولا نوطة. فالرئيس تمام سلام يريد الاجماع لاتخاذ قرار. والاجماع مهمة مستحيلة في واقعنا الحالي. حتى شبه الاجماع، فإنه يتأمن فقط عندما تكتمل المحاصصة في أي مشروع.

وبين ضرورة بقاء الحكومة وكونها صارت مضرة اختار رئيس الكتائب الشيخ سامي الجميل اعلان استقالة الوزيرين سجعان قزي وآلان حكيم. وهو رأى أن لبنان في حاجة الى صدمة ايجابية بعدما تحولت الحكومة من رمز استمرارية الدولة الى رمز هريان ما تبقى من الدولة. لكن الصدمات، سواء كانت ايجابية أو سلبية، تبقى بلا تأثير في جسد ميت. فلا من المتوقع أن تقود استقالة وزيري الكتائب، بعد استقالة الوزير أشرف ريفي، الى تبدل الأداء نحو الأفضل داخل مجلس الوزراء ولا استقالة الحكومة كلها، اذا قرر اتخاذ الخطوة تمام بك القرفان والصابر والذي يتمنى أن يستقيل أمس قبل اليوم، تضمن إحداث صدمة تدفع التركيبة السياسية الي انتخاب رئيس.
والمشكلة لا تتوقف هنا. فاللعبة القديمة ثابتة، وإن حدث بعض التغيير في قواعدها. والسؤال هو ماذا عن الجمهورية، على افتراض أن العقدة الظاهرة في الرئاسة هي العقدة الحقيقية؟ ماذا لو حدثت معجزة وجرى انتخاب رئيس وذهبنا الى انتخابات نيابية سواء حسب قانون الستين أو حسب نظام مختلط أكثري – نسبي أو حسب نظام نسبي كامل سواء في لبنان كدائرة واحدة أو في المحافظات كدوائر؟
الكل يعرف أن قانون الستين يعيد انتاج التركيبة السياسية نفسها. وأقصى ما يفعله النظام المختلط هو تغيير تجميلي بسيط. أما الآمال المعقودة على النظام النسبي الكامل، فإنها أكبر بكثير من التوقعات الواقعية. وليس كل المطالبين بالنسبية مراهنين على تغيير نوعي في نتائج الانتخابات. اذ البعض يراهن على ما يخسره خصومه لاضافته الى ربحه.
وبكلام آخر، فإن الأطراف نفسها ستشارك في الحكومة المقبلة ومعها الخلافات والمحاصصة والارتباط بسياسة المحاور الاقليمية وصراعاتها والطابع المذهبي الذي تتخذه. ونحن في حاجة الى تغيير اللعبة لا قواعدها فقط، والى تبديل الأوراق لا فقط الى اعادة خلط الأوراق.

اقرأ أيضاً بقلم رفيق خوري (الأنوار)

أزمة حكم أعمق من الطابع الدستوري

صراع المصالح والعصبيات في نظام فيتوقراطي

أي ترجمة عملية لانتصارات بوتين؟

صراع ما بعد الحرب على داعش

حكومة هندسات سياسية وديمقراطية ممرات الزامية

تقاسم الخارطة السورية ومحاربة داعش بالتفاهم

واشنطن وطهران والرياض: أي موقع للبنان؟

أميركا والعالم: مخاطر ما بعد الانتخابات

فصل رئاسي في محنة أميركا

تحديات تحييد لبنان: أين ناصر عون؟

لبنان والمنطقة: معارك في حرب واحدة

شطرنج بوتين وأوباما: أي خيار في حلب؟

لقاء مضطرين لا تفاهم حلفاء

حسابات معركة الموصل: هل انتهت وظيفة داعش؟

كلفة تخطي بوتين للقياصرة والسوفيات

بوتين والقياصرة والسوفيات: ثوابت الجيوبوليتيك الروسي

الخلاف الأميركي – الروسي هو الوجه الآخر للاتفاق

خريف الأمم المتحدة: التفرّج على الجحيم

أوهام رهانين ثابتين في متغيرات سوريا

اتفاق كيري – لافروف ل تنظيم الحرب