البيان الروسي – الأميركي: أي هدنة وتسوية؟

رفيق خوري (الأنوار)

مطلوب هدنة في حلب لمعاودة محادثات جنيف بين النظام والمعارضة تحت عنوان التسوية السياسية. ومطلوب خرق الهدنة لكي يبدو فشل المحادثات رد فعل على تصعيد الاشتباكات، وليس فعلاً سياسياً ضمن منهج الهرب من التسوية. هكذا تدور اللعبة في الوضع السوري الذي يصفه الرئيس فلاديمير بوتين بأنه معقد. ولا مجال لحلول بسيطة في وضع معقد. اذ يعترف بوتين بأن الحفاظ على ما ربحه بقرار الدخول العسكري في الحرب يتطلب تسوية سياسية ضمن عمل مشترك مع الرئيس باراك اوباما الذي يراهن على الدور الروسي المحتاج الى الدور الأميركي.

وليس من المتوقع تحقيق ما تعهده الروس والأميركيون في البيان المشترك الأخير: توسيع وقف الاعمال العدائية، ومضاعفة الجهود لانجاز تسوية سياسية. فلا هم يسيطرون على كل اللاعبين، وإن اتفقوا على تقاسم العمل حيث على أميركا التأكد من التزام المعارضة، وعلى روسيا وايران ضمان التزام نظام الأسد حسب وزير الخارجية الأميركي جون كيري. ولا هم على اتفاق كامل حول جوهر التسوية السياسية، وإن كان ما يفرض الاستعجال بحلول آب هو اغتنام الفرصة الأخيرة قبل أن يصبح أوباما بطة عرجاء. فضلاً عن ان واشنطن وموسكو تتبادلان، وسط التعاون، الحذر والشكوك في الأهداف النهائية لكل منهما. ومن الوهم ان يتصور أي حليف محلّي اقليمي لأميركا أو روسيا ان الحسابات الاستراتيجية لحليفه الكبير مطابقة لحساباته.

ذلك ان القراءات الأولى في البيان الروسي – الأميركي تركزت على أمرين: التوقيت والتذكير. أما التوقيت، حسب نظرية المعارضين السوريين وبعض حلفائهم، فانه صدور البيان بعد محادثات هاتفية بين كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف خلال حضور الوزير الأميركي اجتماعاً في باريس لعشر دول من داعمي المعارضة. والهدف هو الحؤول دون ان يتخذ المجتمعون أي قرار متشدّد والقول لهم ضمناً: الأمر لنا. وأما التذكير، حسب الذين يدعون معرفة القراءة في أفكار بوتين، فانه ردّ الرئيس الروسي على ما جاء في البرقية التي بعث بها الرئيس بشار الأسد اليه قائلاً انه لن يقبل أقل من الانتصار النهائي في حلب وكل سوريا. والخلاصة تكرار التأكيد ان موسكو شاركت في الحرب من أجل حلّ سياسي، لا للذهاب الى النهاية في حلّ عسكري.

لكن من الصعب تجاهل ما في القراءتين من تبسيط. فالحرب تبدو طويلة بلا قدرة لأي طرف على تحقيق نصر كامل. ومعركة حلب لا تزال على جدول الأعمال. والقواسم المشتركة التي استخلصها دي ميستورا من مواقف النظام والمعارضة حول التسوية هي كلام عام على هامش التسوية.

اقرأ أيضاً بقلم رفيق خوري (الأنوار)

أزمة حكم أعمق من الطابع الدستوري

صراع المصالح والعصبيات في نظام فيتوقراطي

أي ترجمة عملية لانتصارات بوتين؟

صراع ما بعد الحرب على داعش

حكومة هندسات سياسية وديمقراطية ممرات الزامية

تقاسم الخارطة السورية ومحاربة داعش بالتفاهم

واشنطن وطهران والرياض: أي موقع للبنان؟

أميركا والعالم: مخاطر ما بعد الانتخابات

فصل رئاسي في محنة أميركا

تحديات تحييد لبنان: أين ناصر عون؟

لبنان والمنطقة: معارك في حرب واحدة

شطرنج بوتين وأوباما: أي خيار في حلب؟

لقاء مضطرين لا تفاهم حلفاء

حسابات معركة الموصل: هل انتهت وظيفة داعش؟

كلفة تخطي بوتين للقياصرة والسوفيات

بوتين والقياصرة والسوفيات: ثوابت الجيوبوليتيك الروسي

الخلاف الأميركي – الروسي هو الوجه الآخر للاتفاق

خريف الأمم المتحدة: التفرّج على الجحيم

أوهام رهانين ثابتين في متغيرات سوريا

اتفاق كيري – لافروف ل تنظيم الحرب