عن خطورة وخلفيات ما حصل في المطار
د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)
1 أكتوبر 2018
الاضطربات او الأحداث او الإشكالات التي تقع في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، كانت على الدوام تحمل مخاطرة غير عادية، وغالبا ما تكون لها خلفيات سياسية او امنية ترتبط بالوضع العام في البلاد.
وقد مر على المطار احداث متعددة، كانت لها تأثيرات كبيرة، وغالبا ما كانت الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان تبدأ من المطار، كما ان الاشكالات التي حصلت في ابريل من العام 2008 على خلفية إقالة رئيس جهاز امن المطار في حينها العميد وفيق شقير من قبل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، كانت السبب الرئيسي في اندلاع احداث مايو من ذات العام، والتي كادت تشعل حربا أهلية شاملة لولا التدخلات المحلية والعربية والدولية التي فرضت تسوية الدوحة.
منذ أكثر من عشرة ايام تتوالى الاشكالات في مطار بيروت. فقد حصل تزاحم غريب من جراء تعطل البرامج الالكترونية التي تنظم حركة الركاب، وبعدها «قامت القيامة» بسبب تأخير ركاب قاصدين القاهرة لأن طائرتهم تم اعتمادها كاحتياط عندما كان رئيس الجمهورية والوفد المرافق يغادرون الى نيويورك لحضور الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، ما ادى الى حصول تشويش اعلامي هائل، طال سمعة الرئيس، وأساء الى شركة الطيران، وخلق إرباكا أمنيا أدى الى تدخل مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، حيث انتقل الى المطار وفتح تحقيقا بما حصل من تداعيات حول الرحلة الرئاسية، بحجة ان الموضوع كاد يهدد أمن الرئيس، لكن التحقيقات وخاصة مع محمود المصري صاحب الموقع الذي نشر المعلومات عن اسماء الوفد المرافق للرئيس وصور الطائرة، لم تثبت وجود جرم جزائي، بل كل ما جرى كان ضجة سياسية مفتعلة، كان يمكن تفاديها، لو كانت العلاقة سوية بين رئيس مجلس ادارة شركة الطيران ومراجع القصر، او بين رؤساء الوحدات الامنية التي تتولى حماية المطار.
من الواضح ان جزءا كبيرا من الخلفيات التي تقف وراء ما حصل، محاولة استغلال هذه الاحداث لإعادة الفصل بين رئيس مجلس إدارة شركة الطيران والمدير العام اللذين يتولاهما شخص واحد الذي نجح في إعادة الربحية للشركة بعد ان كانت مهددة بالإفلاس.
والوزير جبران باسيل قال في احدى المرات امام الإعلام: انه يريد ان يتم تعيين مدير عام للشركة مستقل عن رئيس مجلس الإدارة. وهذا الأمر يشكل حالة خلافية كبيرة بين توجهات الرئاستين الأولى والثالثة.
في المقابل، فإن الإشكال الذي حصل يوم الاربعاء في 26/9/2018 بين الجنود التابعين لرئيس جهاز امن المطار العميد جورج ضومط والأمنيين التابعين لقائد سرية الأمن الداخلي في المطار العقيد بلال الحجار، له خلفيات مشابهة للإشكال الذي حصل مع الطائرة الرئاسية الاحد في 23/9/2018، لأن ضومط (المقرب من الرئيس) على خلاف مع الحجار (المقرب من الرئيس الحريري) حول صلاحيات كل منهما، علما ان رئيس الجهاز هو اعلى الهرم الامني في المطار، ولكن صلاحية قوى الامن الداخلي في التفتيش والحراسة لا يمكن لأفراد الجيش القيام بها، لأنها تحتاج الى تقنيات لا يتدرب عليها إلا عناصر قوى الأمن الداخلي، وهذه المهمة من صلاحياتهم الحصرية.
يخشى ان تتفاقم تداعيات ما جرى في المطار على الوضع السياسي العام وتزيد هذا الوضع تعقيدا، لأن اشكالات المطار عادة ما تكون ساخنة. رغم انه لم يتبين ان مجمل هذه الإشكالات تستهدف رئيس الجمهورية كما يتم تسريبه في بعض وسائل الإعلام.