دائرة الشوف – عاليه: أرقام 2009 وحسابات 2018

د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

تعتبر دائرة الشوف ـ عاليه من اكبر الدوائر الانتخابية التي لحظها قانون 17/6/2018، وفيها اكثر من 325000 ناخب، ولها 13 مقعدا نيابيا ـ 8 لقضاء الشوف و5 لقضاء عاليه ـ وفيها تنوع طائفي ومذهبي وسياسي واسع، وتكاد تختصر كل فسيفساء التركيبة اللبنانية، ولموقع هذه الدائرة الجغرافي أهمية قصوى، لأنها وسط البلاد وتحيط ببيروت، وعبرها تمر غالبية الطرقات الرئيسية الى مناطق لبنان المختلفة.

في انتخابات العام 2009، كانت هناك لائحتان رئيسيتان تتنافسان في كلا القضائين، واحدة يتزعمها النائب وليد جنبلاط وبعض حلفائه، وأخرى منافسة تشكلت من التيار الوطني الحر والنائب طلال ارسلان وعدد من أصدقائهما، وكان هناك عدد من المرشحين المستقلين (كون القانون الأكثري كان يسمح بالترشيح المستقل، على عكس القانون الحالي الذي يفرض على المرشح الدخول في لائحة).

والى حد ما، فإن خارطة القوى السياسية والحزبية ما زالت ذاتها تقريبا، مع احتمال لتحسن في شعبية احد القوى، او تراجع هذه الشعبية قليلا عند قوى اخرى، ولكن ليس على صورة حاسمة، كما تبين تقديرات الخبراء في هذا السياق.

حاول النائب وليد جنبلاط منذ بداية السباق الانتخابي لهذا العام، ان يجمع كل القوى الرئيسية في هذه الدائرة في لائحة واحدة، تجنبا لتوترات انتخابية طائفية، قد يشجع عليها القانون الحالي الذي يعتمد على الصوت التفضيلي لمقاعد موزعة على طوائف ومذاهب مختلفة.

لكن واقع الحال لا يبشر بخير للائتلافات الكبرى، ولا القانون يشجع على هذه الائتلافات – بصرف النظر عن خصوصية الائتلاف الذي حصل بين حركة امل وحزب الله ـ وبالتالي فإن المنافسة الديموقراطية الهادئة «كما قال رئيس الجمهورية» قد تقع بين القوى المختلفة المتواجدة في تلك الدائرة المهمة.

وإذا افترضنا ان تموضع القوى في اللوائح سيكون على شاكلة انتخابات العام 2009 (وهذا غير مؤكد حتى اليوم) يمكن لنا إجراء مقارنة رقمية لنتائج 2009، والبناء عليها لحسابات 2018.

ذلك من باب التحليل، وتوضيحا لبعض اللغط الحاصل في بعض الاستعراضات، او المقالات التي نشرت في اكثر من موقع، وحملت مغالطات كثيرة.

اقترع في الشوف وعاليه عام 2009 نحو 147502 ناخب بمعدل 50.5% تقريبا.

حصلت لائحة جنبلاط وحلفائه على 97775 صوتا وفازت بكل المقاعد، ما عدا مقعد النائب طلال ارسلان الذي كان شاغرا، لكن هذه الأصوات تساوي بالقانون الحالي النسبي: ما يوازي 8.6 من عدد مقاعد الدائرة الـ 13.

واللائحة المنافسة حصلت في الشوف وعاليه على 46483 صوتا، ولها افتراضا في حسابات القانون الحالي 4.09 من مقاعد الدائرة الـ13، اي ان اللائحة الأولى كانت ستحصل على 9 مقاعد واللائحة الثانية كانت ستحصل على 4 مقاعد، فيما لو كان القانون الحالي معتمدا في العام 2009.

لم يتغير مشهد التحالفات كثيرا، والمعادلات تقريبا هي هي في تلك الدائرة الحساسة.

والتحالفات مهما كانت، وكيفما رست، لا يمكن بالمعطيات القائمة ان تحدث تغييرا كبيرا يتجاوز 10% من النتائج سلبا او ايجابا على اي من الفرقاء.

اما الشعارات السياسية التي يمكن ان تستخدم من الآن حتى 6 مايو، فلا يمكن ان تقلب المعادلات، بل على العكس فإن الشحن السياسي او الطائفي هنا او هناك يمكن ان ينعكس سلبا على من يعتمده، لأن التطرف في جهة يزيد التطرف في الجهة المقابلة، لاسيما اذا كان الموضوع يتعلق بالتعبئة الطائفية او المذهبية.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

التوازن السياسي في لبنان

قراءة مختلفة لأحداث الأسبوع اللبناني الطويل

انفلات التخاطب السياسي في لبنان: أسبابه ونتائجه

هل هناك ما هو أبعد من تمثيل نواب «سنة 8 آذار» في الحكومة؟

الرأي العام اللبناني لا يريد التصعيد السياسي

هل انقلبت صفحة التفاؤل.. أم أن التعقيدات غيمة خريف وستنجلي؟

استحقاقات لبنانية داهمة

عن نظرية عدم حصرية تمثيل الطوائف في الحكومة

عن خطورة وخلفيات ما حصل في المطار

لقاء بكركي الذي حرّك السواكن الحكومية

ماذا تقول أوساط معارضة عن الأحجام السياسية؟

مصالح لبنان في سورية ومصالح سورية في لبنان

مواقف في خطاب عيد الجيش

ما مبررات مواقف «الاشتراكي» و«القوات» من تشكيل الحكومة؟

عن الانعكاسات الخطيرة لتوقف القروض السكنية

عن إشكالية حصة الرئيس الوزارية

عوامل التفاؤل والتشاؤم

مرحلة ما بعد الانتخابات والأحلاف السياسية

عن الآثار السياسية لاستبعاد النائب أنطوان سعد

لبنان: الحسابات السياسية تختلف عن الحسابات المالية