دراسة فيزيائية الكون وقوانينه ووظائفه: المفاهيم الأساسية

توفيق نصر الدين

طاقة، مادة، ضوء، زمن أو وقت، مسافات وابعاد طولية، عرضية وأفقية، جاذبية، حرارة، ضغط، انصهار نووي.

منذ قديم الزمان والانسان ينظر الى هذا الكون ويتأمل نجومه اللا متناهية الحجم والتباعد فيما بينها كما فعل المصريون القدامى واليونان والعرب وغيرهم من الشعوب، وفي يومنا هذا وبواسطة التطور التكنولوجي من مراصد جوية أرضية وأقمار صناعية ومسابير ترسل في الفضاء لدارسته ودراسة أجرام فيه من كواكب وشهب ونيازك يستمر الانسان في التأمل، الذي اصبح اكثر علمياً وتفحصاً ليس فقط للنجوم إنما للمجرات النجومية بأجمعها ومنها مجراتنا درب التبانة والتي تشكل الشمس والارض والقمر والكواكب الاخرى جزءاً منها، بالاضافة الى كواكب ونجوم اخرى  يتم اكتشافها مع تطور علوم وصناعات الاجهزة والمعدات الفضائية المعدة لهذا الغرض.

بدأت المفاهيم العلمية تأخذ نهج المعرفة وتضيف على دهشة التأمل منطق البحث والتحليل الدراسي بعد وضع العالم الفيزيائي والفلكي الانكليزي إسحاق نيوتون نظريته التي تتحدث عن قوانين الجاذبية العامة بين الكواكب وعلاقاتها بالزمان والمكان، وبعدها الزمكاني، ومن بعده باحثين ودارسين أخرين وصولاً الى نظرية الفيزيائي السويسري من أصل ألماني، العالم الشهير ألبرت أينشتاين، واضع نظرية ومعادلة سرعة الضوء وتحول المادة الى طاقة  والعكس في ذلك، بالإضافة نظريتي النسبية العامة والخاصة والكم الفيزيائي، أي ماهية العلاقة بين الذرات والجزيئيات والاتصال فيما بينها رغم المسافات الشاسعة الواقعة في ما بينها، وكل ذلك من خلال القوى الاربعة في الكون: الجاذبية، الكهرومغناطسية، التفاعل النووي القوي، والتفاعل الضعيف.

Kobalt_13g

مفهوم المادة وبناها التحتية

كثيرون منا من سمعوا عن الذرة ونواتها وتأرجح خيالهم في صعوبة القدرة على تصور مفهومها بطريقة موضوعية منه بطريقة مجردة فقط لماهيتهما. إنها بالحقيقة مفاهيم وبدون شك جافة ومعقدة في علم الفيزياء، ومفهومها يزداد تعقيداً ويصبح اكثر شائكاً عند الغوص الاكثر فيما يسمى بالالكترونيات (البروتونات وعالم الكوارز)، وهي جزئيات مادية ذات شحنات سالبة تدور في فلك الذرة، وتنتقل تحت تأثيرات القوانين الفيزيائية من عنصر الى عنصر أخر، محولة تلك العناصر وجزيئياتها بتبديل وتحويل وزنها الكمي والنوعي (الكمي المتمثل بوزن البروتونات ونيوترنات وهما يمكن تعريفهما بمجموع الالكترونيات والبروتونات والنيوترونات من ناحية والوزن الذري من ناحية اخرى) من خلال التفاعل الكيميائي والتحول من طبيعة وخاصية معينة الى طبيعة وخاصية أخرى.

helium-unstable-isotope-atom-white-background-51973801

 لتبسيط هذه المفاهيم الجافة يكفي التفكير النظر والتأمل في عمليات التحويل الصناعي للمعادن، كالحديد الذي يحول الى فولاذ عن طريق الحرارة المرتفعة التي تستعمل لإصهاره، والنحاس والالومينيوم والزنك، ومعدن الكروم والقصدير والرصاص وغيرهما. إنها معادن تدخل في صناعات كثير من الحاجات التي نستعملها في حياتنا اليومية، كالادوات المنزلية واللوازم الشخصية المصنوعة من كثير من مواد المعادن، ومعادن تدخل في صناعة العطورات وأدوات التجميل، وحتى مادة الكوبالتو التي تدخل في صناعة الهواتف النقالة التي أصبحت تشكل جزءاً مهماً من حاجات حياتنا اليومية الاساسية، والكوبالتو هذا يستخرج من المناجم المتواجدة في افريقيا وللأسف والمحزن في الأمر إن استخراج هذه المادة يسخر عمل الكثير من الاطفال والأيدي العاملة المستغلة بطريقة غير شرعية وغير انسانية، وهي المعادن نفسها التي تأتي من انفجار النجوم وموتها في المجرات التي تحوي المليارات من هذه النجوم، وتتكدس على شكل مواد ومعادن في الكواكب والشهب والنيازك التي تسبح في مئات مليارات المجرات ومنها مجرتنا درب التبانة. “Milky way”.

لو غصنا اكثر في مكونات المادة لوجدنا ان لعناصرها وذراتها هناك عناصر اخرى مكونة لها وتسمى بالبنى التحتية للمادة، وهي طبعاً ذات طبيعة  تسمى مواد تحت الذرية، وهي تشكل اقسام البروتونات والفرميونات واللبتون والكواركات والميونيوم الغريب.

هي ثلاثة أنواع أساسية وهي صغر من الذرة نفسها بعشرات ملايين المرات، ويتعدى دورها عن جسميات تحتية مكونة الى ما يسمى بالابعاد الاضافية التي لا ترى ولا تُخيل.

(*) مترجم، باحث وناشر مستقل

*ملاحظة: تحفظ حقوق الترجمة والتمحيص للمواد العلمية من مراكز ومعاهد البحوث الفلكي لجامعة كالفورنيا وكالتك للتكنولوجيات الحديثة وصناعة الفضاء، الصادرة على صفحات النشر الاعلامي الحر لمجلة فوكوس وناشيونال جيوغرافيك والعلوم.