المادة المظلمة في الكون

توفيق نصر الدين

بالحقيقة الحديث عن “المادة المظلمة”  في الكون أو المادة السوداء، وماله علاقة بموضوع توسع الكون (سوف اعود لهذا الموضوع بمقالة مخصصة عن نظرية توسع الكون) وتباعد المجرات عن بعضها البعض، امر يصعب تفسيره وخاصة فيما يتعلق بموضوع الجاذبية الكونية بين الاجسام والاجرام السماوية بأنواعها، مضافاَ الى ذلك في صعوبة تحليل خاصية المادة السوداء واجماع العلماء على اراء فرضية في اعتبارها مكونة من جسميات دون ذرية

حتى الان ما زالت البحوث القائمة وطرح النظريات عن التفسير الفيزيائي لهذه المادة المظلمة تداول مستمر. الدراسات والبراهين الرياضية بخصوص ذلك تفتح بشكل مستمر الافاق على طروحات دراسية جديدة وعلى مستوى اعلى مما وصلت اليه الفيزياء الحالية، وخاصة أيضاً ليس فقط عن المادة المظلمة للكون بل ايضاً عن الطاقة المظلمة.

تسمى بالمظلمة أو المعتمة لأنها لا تصدر إشعاعات وبذلك لا يمكن رؤيتها، والسبب الذي يؤشر الى وجودها هو إنه اثناء مراقبة دوران النجوم في وسط المجرات تم ملاحظة سرعتها فوجدت مشابهة لسرعة النجوم التي تدور بكميات اقل عدداً في المدار الخارجي للمجرة نفسها، والسرعة المتساوية لدروان النجوم في وسط المجرة وعلى حدودها الخارجية يعود سببه الى وجود مادة مظلمة بكميات أكثر في حدود المجرات الخارجية منه مما هو موجود في وسط المجرة، وهي التي تدفع النجوم كلها بسرعة متساوية نوعا ما للنجوم المتواجدة في الوسط وبكميات كثيرة كما يلاحظ من الصور المأخوذة عن طريق الاقمار الصناعية والمراقيب. والمسافات بين مجموعات النجوم في وسط المجرة وعلى حدودها الخارجية هي عشرات، مئات، لا بل الاف وملايين السنوات الضوئية.

توضيحاً لمسألة المسافات بين المجرات وسرعتها، هناك مثلاً مجرة M83 وهي الاقرب لمجرتنا درب التبانة Milky way وتبعد عنها مسافة 15,000,000 سنة، خمسة عشرة مليون سنة ضوئية، وهي تسير بسرعة تباعد عن مجرتنا 500 كيلومتر بالثانية.

هناك ايضاً في مناطق بعيدة في الكون مجرات من النوع الاهليلجي، (مجرات تحوي نجوم قديمة، بطيئة وعشوائية الدوران ولا يوجد فيها غازات وغبار كوني كتلك التي تسمى المجرات الحلزونية ولذلك لا تولد فيها نجوم جديدة)، تم إكتشافها بالتلسكوب هابل Hubble  الشهير، وهذه المجرة تبعد عن مجرتنا ثلاثين مرة اكثر من بعد مجرة M83 عن مجرتنا، ونظام تلك المجرة يسير بسرعة 10,000كيلومتر بالثانية. خلاصة ذلك انه كلما بعدت المجرات عن بعدها البعض كلما زادت سرعة تباعدها اكثر وأكثر، وهذه النظرية استخلصت في عشرينات القرن الماضي من قبل عالم الفلك الامريكي إدوين هابل Edwin Hubble

النظرية القائلة عن المادة المظلمة وتأثيرها في سرعة النجوم قد لا تكون حقيقية او يمكن اثباتها،وحسب  ما قالته عالمة الفلك الايطالية المتوفية “مارغريتا هاك” عن لسان أخرين يقولون بأن السبب قد لا يعود الى مادة المظلمة التي تدفع النجوم بسرعة متساوية، إنما إلى ما يسمى بقانون الجاذبية المعدل، أي أن تأثيرات الجاذبية بين الاجرام في الكون تختلف وتتغير بين اقليم وأخر وقد يؤثر ذلك أيضاً على سرعة دوران تلك النجوم والاجرام.

إستناداً لنماذج  ووحدات القياس في العلوم الكونية وقياسات الكتل الكونية بأنواعها من ماد طاقة ومادة،مادة وطاقة مظلمة، تبلغ نسبة المادة المشعة والمتمثلة بالنجوم والكواكب والشموس بما يقارب ال 5%، والطاقة المظلمة بما يساوي الـ 68,6%، أما المادة المظلمة فهي قد تكون موجودة بنسبة ال 27,4%.  تسمى المادة المظلمة أيضاً بالمادة العادية.

*مترجم، باحث وناشر مستقل