إحتضار الثقافة الورقية: من المسؤول؟

بقلم حسن شمس الدين

أنباء الشباب

تأثير التكنولوجيا على الثقافة يشمل معظم عناصرها وركائزها.  فالتأثير يتعدى حدود المؤسسات والموارد الثقافية لتصل الى خصوصيات الفرد وعلاقته بمجتمعه وعاداته وتراثه.

ففي القرن العشرين الذي شهد الكثير من التطورات في مختلف المجالات منها العسكرية حيث اصبحت الاسلحه اكثر دماراً بالإضافة غزو الفضاء وارسال العديد من المركبات الفضائية والوصول الى القمر وتطور الكمبيوتر والتصوير ناهيك عما نشهده في عالمنا الحديث ثورة ما لا نهاية ثورة الاتصالات التي جعلت من العالم مجتمع موحد مصغر مشرع ابوابه امام الجميع.  ولكن اختلفت ما بين المجتمعات وكيفية استثمار هذه الثورة التكنولوجية فمنهم من احسن استعمالها واستغل كامل حسناتها ومنهم من أخذ الجانب السيء منها والتي أدت الى المساس في بنية هذه المجتمعات.

ان إحدى القضايا المهمة التي تعاني منها مجتمعاتنا في الآونة الأخيرة هو سيطرة ثورة التلفاز وإقبال العدد الأكبر من الجمهور الى متابعة البرامج التلفزيونية والإبتعاد عن قراءة الكتب والصحف ولأن هذه الآفه تمس بالحالة الثقافية والفكرية للمجتمع فالمطلوب في وقتنا الحاضر ان يشترك المثقفون والنخبة لمعالجة هذا المرض الذي يفتك في مجتمعاتنا ويقضي على الثقافة الورقية.

child-watching-tv

لقد برزت آثار متعددة لسيطرة التلفاز على المجتمعات منها الجهل الثقافي والتأثير على الفرد لإبعاده عن القراءة وكذلك التاثير على شخصية الأفراد وسلوكهم.

فالبرامج التلفزيونية تختلف عن الكتب بعرض البرامج الثقافية والفكرية فالتلفاز يلجأ الى الطرق المقتضبة لعرض المشكلات دون الغوص في أساسيات المشكلة وحلولها وهو ما يولد الجهل الثقافي.

وايضاً البرامج المنوعة وشدة التفكير بها تجعل من المشاهد يبتعد عن القراءة وكثرة هذه البرامج تشعره بشيء من الاكتفاء المخادع. وكذلك قضاء ساعات طويلة امام التلفاز دون اكتراث للوقت ينعكس سلبا على شخصية وسلوك المشاهد.

أما الصحافة، فتعتبر أعرق وسائل الاعلام والاتصال ولا تزال تؤدي دوراً مهما وكبيراً تجعل من الثقافة الورقيه صامدة في وجه الثورات المتتالية. ففي الوظيفة المعرفية والتثقيفية لا تزال الثقافة الورقية في صدارة الوسائل التي تنقل الى القراء المضمون الحقيقي للموضوعات قيد الدرس والمطالعة على عكس التلفاز الذي يلجأ الى الصورة المختصرة لمعالجة المواضيع.

newspaper5

وايضاً الوظيفة الاجتماعية التوجيهية التي تتمثل بالجهود الرامية الى تحسين أداء العمل وتوزيع المسؤوليات ومكافحة المشكلات وإيجاد الحلول لها.

وتدخل ايضاً الصحافة المكتوبة في مجالات التثقيف السياسي. إذ بالرغم من كثرة البرامج السياسية على التلفاز إلا ان المواضيع السياسية المدونة هي أكثر رسوخاً في ذهن القراء من ان يراها على التلفاز صوت وصورة تنتهي مع إنتهاء البرامج.

كذلك، تتزاحم الصحيفة الورقية في الدعاية مع التلفاز حيث انها تتماشى معه مع فارق الكلفة الا ان التلفاز يتغلب عليها في ترويجها حيث انه يصل الى اكبر عدد من المشاهدين في الوقت نفسه.

ebooks

فمشكلة هجرة الكتاب والصحيفة الورقية لايدي القراء أمراً خطيراً حيث نرى ان بعض البلدان قد حافظ الكتاب على موقعه عند الجمهور بينما في دول العالم الثالث حيث يسيطر التلفاز على العدد الأكبر من الجمهور ويسيطر على الوسائل التوجيهية فقلصت من أهمية الصحف وقللت من عدد القراء وجعلت من الصحف الورقية تسقط واحدة تلو الاخرى لتتجه الى النسخات الالكترونية وكذلك المكتبات التي أصبحت تفتقد لخطوات زوارها بعد ثورة التلفاز المجحفة في حق الثقافة الورقية.

هل فعلاً أن الثقافة الورقية، بأشكالها ووسائلها المتعددة، تحتضر؟