الجيش الإسرائيلي يرسم ملامح الحرب المقبلة

رندى حيدر (النهار)

الوثيقة التي نشرتها الاركان العامة للجيش الإسرائيلي وعرضت فيها الاستراتيجية الجديدة للجيش لمواجهة التغيرات التي حصلت في المنطقة، ذات قيمة اساسية مزدوجة. فهي من ناحية كشفت حجم التحديات التي يفرضها الواقع الشرق الأوسطي الجديد على أمن إسرائيل والحاجة الماسة الى ادخال تغييرات مهمة على العقيدة العسكرية؛ وهي من ناحية اخرى شكلت تحديا للقيادة السياسية وكشفت تلكؤها وعجزها عن بلورة استراتيجية محددة للمرحلة المقبلة، وافتقارها الى رؤية واضحة لما ينتظر إسرائيل في منطقة تمر بمرحلة خطرة من الحروب الاهلية وعدم الاستقرار السياسي الذي يصل الى حد الفوضى.
لقد وضع العسكر في إسرائيل اصبعهم على المتغير الاساسي في المنطقة في حديثهم عن انهيار الدولة القومية العربية، وتبدل الخطر على إسرائيل من خطر قومي عربي الى خطر مذهبي – ديني – محلي. واستنتجوا من ذلك ان المواجهات العسكرية المقبلة لن تكون جبهوية بين جيوش نظامية بل مواجهات ضد تنظيمات ليست دولاً أو ارهابية تتغلغل وسط السكان المدنيين وتحول الجبهة الداخلية الإسرائيلية الى هدف اساسي لهجماتها المشروعة.
الحديث عن زوال الخطر العربي مقابل صعود الخطر الديني الاصولي مؤشر لبداية مرحلة جديدة ومختلفة تماماً ستكون لها انعكاساتها على صعيد الصراع العربي – الإسرائيلي باكمله وعلى صعيد القضية الفلسطينية التي كانت بصورة اساسية قضية العرب الاولى. اليوم لم تعد فلسطين تجمع العرب، وباتت للدول العربية هموم اخرى تتعلق بجوهر وجودها واخطر بالنسبة اليها من الاحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينية وممارساته غير الانسانية حيال الفلسطينيين. وكل ذلك يصب في المصلحة الإسرائيلية على المدى القصير. فمنذ قيام دولة إسرائيل سعى زعماؤها الى تفكيك العالم العربي تارة من خلال اقامة حلف للأقليات.
في الاستراتيجية الجديدة يبدو العسكر اكثر وعياً للتطورات التي طرأت على المنطقة وأكثر قدرة على رسم الاطار الجديد للحروب المستقبلية واقتراح الخطط الملائمة لها من الطاقم السياسي. وفي الخطط التي وضعوها تتصدر إيران ولبنان ومن بعدهما سوريا قائمة المخاطر التي تهدد إسرائيل الى جانب تنظيمات ليست دولاً مثل “حزب الله” و”حماس”، وتنظيمات ارهابية لا علاقة لها بالدولة مثل الجهاد العالمي و”داعش” وغيرهما.
الجيش الإسرائيلي يتحضر اليوم لمواجهة عسكرية مختلفة يكون المدنيون من الطرفين ساحتها الاساسية. وهو بذلك يحضر المجتمع الإسرائيلي لامكانية تحوله الى هدف حربي ويبعثون باشارات مقلقة الى الجانب الآخر، و يلقن زعامته السياسية درساً في فهم تحولات المنطقة.

اقرأ أيضاً بقلم رندى حيدر (النهار)

خلاف إسرائيلي – روسي على سوريا

جيش “حزب الله” والحرب المقبلة

اليمين في إسرائيل يؤبد الاحتلال

فوز ترامب هدية لليمين الإسرائيلي

النكبة الفلسطينيّة والنكبات العربية

تغيّر الموقف الإسرائيلي من سوريا

الجولان أرض سورية محتلة

هل الهدنة مدخل لتقسيم سوريا؟

الوجه الجديد للفاشية الإسرائيلية

موسكو ترسم مستقبل المنطقة

القضية الفلسطينية الخاسر الأكبر

الاستغلال الإسرائيلي للتوتر السعودي – الإيراني

خطورة التحالف الروسي – الإيراني

في مواجهة شرق أوسط مضطرب

عودة الابن الضال: نتنياهو

هستيريا التحريض الإسرائيلي

علامَ يتفق الإسرائيليون مع الروس في سوريا

عَلَمْ فلسطين والحلم المستحيل بالدولة

إسرائيل تواجه سوريا إيرانية – روسية

الجيش الإسرائيلي وتجارة الموت