الجيش الإسرائيلي وتجارة الموت

رندى حيدر (النهار)

صورة الجيش الإسرائيلي بالنسبة الى شعوب المنطقة وخصوصاً الفلسطينيين واللبنانيين الذين عانوا طويلاً الحروب الإسرائيلية منذ أيام النكبة وحتى اليوم، هي صورة جيش معتد مجرم متباه بقوته العسكرية. اما صورته في نظر الإسرائيليين فكانت صورة “جيش الشعب” وحامي الدولة والساهر على الامن. لكن هذه الصورة تبدلت كثيراً، ولم يعد هذا الجيش “جيش الشعب” بل ممثل لفئة داخل السلطة تريد الاستئثار بالجزء الاكبر من الموازنات الحكومية، وهو عبارة عن طبقة جشعة تحارب دفاعاً عن امتيازاتها على حساب الطبقات الاخرى. لكن الاسوأ من هذا كله، ان هذا الجيش تحول الى أكبر مصدر للسلاح وللتجارة غير المشروعة له في العالم.

في الايام الاخيرة سُلّطت الاضواء من جديد على تجارة السلاح في إسرائيل وعلى مدى تورط العسكريين الإسرائيليين فيها، عقب الفضيحة التي أثارها قرار ترشيح العميد غال هيرش لمنصب المفوض العام للشرطة الإسرائيلية، وهو الذي سبق ان استقال من منصبه في الجيش، واعتزل الحياة العسكرية بعد حرب تموز 2006 بسبب سوء أدائه في هذه الحرب. فقد تبيّن ان هيرش وعشرات من تجار السلاح الإسرائيليين هم موضع تحقيق لـ”الإف. بي. آي” بتهمة دفع رشى وفساد من اجل بيع السلاح لعدد من الدول الاجنبية.

ليس سراً ان الجيش الإسرائيلي تحوّل الى اهم مصدّر للتجارب القتالية في مجال حرب العصابات، وفي مجال تصنيع الاسلحة الملائمة لما يسمى حالياً الحروب غير المتناظرة التي تدور بين جيوش نظامية وتنظيمات غير تابعة لدولة، تخوض حرب عصابات وتحتمي بالسكان المدنيين. وبات معروفاً ان من اهداف جولات القتال المتكررة ضد قطاع غزة اختبار انواع جديدة من السلاح الإسرائيلي قبل تسويقه عالميا، وان المعارك التي دارت في السنوات الاخيرة كانت فرصة لتجريب منظومات دفاعية حديثة مثل منظومة “القبة الحديد” وغيرها، التي يبدو ان الطلب الدولي انهال عليها فور انتهاء جولات القتال.

لقد تحوّل الجيش الإسرائيلي مع مرور الزمن، من آلة تدمير وقتل جماعية وحقل تجارب ضحاياهم المدنيون الفلسطينيون، الى أهم مهندس للحروب المستقبلية، والى مرجع في سياسات القمع والاضطهاد والقمع الوحشي، والى مدرسة في تعليم الفساد والاثراء من تجارة السلاح. وبفضله باتت إسرائيل تتصدر المركز الخامس بين الدول المصدرة للسلاح في العالم، وأهم مصدّر للسلاح الى دول العالم الثالث والدول الشيوعية سابقا وآسيا وصولاً الى أميركا الجنوبية.

وتحت شعار الدفاع عن بقاء إسرائيل وحماية الشعب اليهودي، تحوّل الجيش الإسرائيلي الى أهم مصنع لتجارة الموت والسلاح في العالم.

اقرأ أيضاً بقلم رندى حيدر (النهار)

خلاف إسرائيلي – روسي على سوريا

جيش “حزب الله” والحرب المقبلة

اليمين في إسرائيل يؤبد الاحتلال

فوز ترامب هدية لليمين الإسرائيلي

النكبة الفلسطينيّة والنكبات العربية

تغيّر الموقف الإسرائيلي من سوريا

الجولان أرض سورية محتلة

هل الهدنة مدخل لتقسيم سوريا؟

الوجه الجديد للفاشية الإسرائيلية

موسكو ترسم مستقبل المنطقة

القضية الفلسطينية الخاسر الأكبر

الاستغلال الإسرائيلي للتوتر السعودي – الإيراني

خطورة التحالف الروسي – الإيراني

في مواجهة شرق أوسط مضطرب

عودة الابن الضال: نتنياهو

هستيريا التحريض الإسرائيلي

علامَ يتفق الإسرائيليون مع الروس في سوريا

عَلَمْ فلسطين والحلم المستحيل بالدولة

إسرائيل تواجه سوريا إيرانية – روسية

نتنياهو قد يخسر يهود الولايات المتحدة