في مواجهة شرق أوسط مضطرب

رندى حيدر (النهار)

للمرة الاولى تعترف هيئة الأركان العليا للجيش الإسرائيلي بالانعكاسات الجوهرية للتغيرات الهائلة التي طرأت على دول المنطقة على العقيدة الأمنية للجيش. والدليل على ذلك الخطة الجديدة المتعددة السنوات التي تحمل إسم خطة “جدعون” والتي عرضها رئيس الأركان غادي إيزنكوت قبل يومين، وحاول بواسطتها ملاءمة استعدادت الجيش مع المخاطر الجديدة الناشئة في المنطقة.
تكشف هذه الخطة في الدرجة الاولى التغير في سلم الأولويات وفي بناء القوة العسكرية. وهي تظهر تراجع خطر السلاح النووي الإيراني مقابل تقدم مخاطر من أنواع أخرى سببها عدم الاستقرار في الشرق الأوسط مثل خطر حصول تدهور مفاجىء ونشوب مواجهة عسكرية على أكثر من جبهة. وأبرزت الخطة تركيز قيادة الجيش على بناء قدرات سلاح البر لتمكينه من خوض حرب متعددة الجبهة قد تستمر وقتاً طويلاً، وتحويل القوات البرية الى اداة فعالة وناجعة وقادرة على تحقيق الحسم الذي لم ينجح الجيش الإسرائيلي في تحقيقه في المعارك الاخيرة التي خاضها سواء في حرب تموز على لبنان عام 2006 أم في ثلاث عمليات عسكرية شنها على قطاع غزة في السنوات الاخيرة. ويشكل هذا تحولاً مهماً في بناء القوة العسكرية للجيش الإسرائيلي التي اعتمدت في العقد الماضي على تفوق سلاح الجو الإسرائيلي وعلى الغارات الجوية، واهملت الى حد ما بناء سلاح البر. فها هي خطة “جدعون تعيد التركيز على القوات البرية والبحرية مع تعاظم خطر تعرض منشآت التنقيب عن الغاز في المتوسط لهجمات.
خطة “جدعون” هي رد على تهديد مزدوج انتجته الحرب الأهلية السورية: الوجود العسكري الإيراني في سوريا وتعاظم قوة “حزب الله” العسكرية، ونشوء تنظيم “الدولة الإسلامية” وتسلل نفوذه الى الأراضي الفلسطينية.
والواقع ان الحرب السورية أوجدت واقعاً عسكرياً معقداً بالنسبة الى اإسرائيل وخصوصاً بعد التدخل الروسي فيها، ووضعت إسرائيل في مواجهة مصالح متضاربة. فعلى رغم التفاهم والتنسيق مع الروس، فإن التحالف الذي أقامه هؤلاء مع الإيرانيين وسائر الميليشيات الشيعية وعلى رأسها “حزب الله” يهدد إسرائيل لأنه يقوي عسكرياً خصميها اللدودين إيران و”حزب الله”. كما ان نشاط الطيران الروسي في الأجواء السورية ونشر بطاريات الصواريخ الروسية المتطورة المضادة للطائرات في سوريا أو ما يعتبره الإسرائيليون “باحتهم الخلفية”، فرضا قواعد لعبة جديدة قلصت الى حد بعيد هامش المناورة لسلاح الجو الإسرائيلي.
إسرائيل امام واقع شرق أوسطي مضطرب معقد وغامض ومليء بالمفاجآت، ومهما حاولت حماية نفسها فمن الصعب أن تبقى بمنأى عن مخاطره.

اقرأ أيضاً بقلم رندى حيدر (النهار)

خلاف إسرائيلي – روسي على سوريا

جيش “حزب الله” والحرب المقبلة

اليمين في إسرائيل يؤبد الاحتلال

فوز ترامب هدية لليمين الإسرائيلي

النكبة الفلسطينيّة والنكبات العربية

تغيّر الموقف الإسرائيلي من سوريا

الجولان أرض سورية محتلة

هل الهدنة مدخل لتقسيم سوريا؟

الوجه الجديد للفاشية الإسرائيلية

موسكو ترسم مستقبل المنطقة

القضية الفلسطينية الخاسر الأكبر

الاستغلال الإسرائيلي للتوتر السعودي – الإيراني

خطورة التحالف الروسي – الإيراني

عودة الابن الضال: نتنياهو

هستيريا التحريض الإسرائيلي

علامَ يتفق الإسرائيليون مع الروس في سوريا

عَلَمْ فلسطين والحلم المستحيل بالدولة

إسرائيل تواجه سوريا إيرانية – روسية

الجيش الإسرائيلي وتجارة الموت

نتنياهو قد يخسر يهود الولايات المتحدة