إسرائيل أكثر يمينية وعنصرية
رندى حيدر (النهار)
20 مارس 2015
الإسرائيليون قالوا كلمتهم بوضوح في الانتخابات الاخيرة. فهم لا يريدون مفاوضات سلمية مع الفلسطينيين ولا اتفاقاً معهم، ولا يريدون ان يروهم أو يسمعوهم ويتمنون في قرارة أنفسهم لو كانوا غير موجودين، وفي كل الاحوال هم يتصرفون متجاهلين وجود اكثر من أربعة ملايين فلسطيني على نزاع معهم على مسافة كيلومترات قليلة منهم.
الإسرائيليون الذين اقترعوا لنتنياهو اثبتوا انهم مثله ينظرون الى أفراد الاقلية العربية في إسرائيل على أنهم أغراب ودخلاء أو طابور خامس، تماماً مثلما كانوا ينظرون اليهم قبل 66 عاماً. وعندما توّجوا نتنياهو “ملكاً” عليهم للمرة الرابعة، كشفوا عن وجههم الحقيقي الوجه العنصري الكاره للعرب، الأحادي النظرة والمعادي للتعددية، المتقوقع على هويته اليهودية. ويتمثل نجاح نتنياهو في قدرته على حدس هذه المشاعر المظلمة والعميقة التي تعتمل داخل نفوس الإسرائيليين وفي اعطائها شرعية وتبنيها والدفاع عنها. كما برزت مهارته الشيطانية في تحويل العنصرية الإسرائيلية الدفينة الى خطاب تحريضي على اليسار الإسرائيلي وعلى العرب في إسرائيل.
إن تجديد حكم اليمين في إسرائيل لولاية أخرى مدتها اربع سنوات معناه بالنسبة الى الفلسطينيين استمرار مرحلة الجمود وازدياد الشعور بالاحباط واليأس والطريق المسدود. وهذا لا يعني ان فوز اليسار الإسرائيلي كان سيغير ذلك كله جذرياً، لكنه كان على الاقل سيفتح ثغرة في الحائط المسدود، والأهم انه كان من المحتمل ان يعيد احياء معسكر الاعتدال في إسرائيل الذي كانت بدأت تخرج أصوات منه الى العلن في الفترة الاخيرة قبل أن يمنى بهزيمة نكراء.
إن فوز اليمين الإسرائيلي معناه موت حل الدولتين، وان الاحتلال الإسرائيلي باق الى ما لانهاية، وان اعداد المستوطنين ستزداد وعمليات الاستيلاء على الاراضي الفلسطينية ستستمر، وكذلك سياسات الاغلاق والحصار.
وفي السنوات الاخيرة تحول النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي نتيجة الاضطرابات التي حملها معه “الربيع العربي” قضية ثانوية. ونظراً الى كون الدول العربية الاساسية المعنية بالصراع اما تفككت وإما في خضم نزاع أهلي مدمر، فإن الفلسطينيين وحدهم في مواجهة اليمين الإسرائيلي المتوحش، وهم وحدهم في نضالهم للحصول على اعتراف المجتمع الدولي بهم، ووحدهم يتحملون مسؤولية الدفاع عن مشروع دولتهم المستقلة. الفلسطينيون اليوم في حاجة ماسة الى وضع استراتيجية موحدة تتلاءم مع المرحلة المقبلة من حكم نتنياهو الذي سيجعل تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على حلم الدولة المستقلة هدفاً له.
فوز نتنياهو قتل الأمل لدى الإسرائيليين المعتدلين في التغيير، ولكن ممنوع ان يقتل الامل لدى الفلسطينيين بل يجب ان يشكل حافزاً لتوحيد جهودهم من اجل التصدي لمشاريع اليمين القديمة والجديدة.