الروس قادمون … كيف سنوقفهم؟

هشام ملحم (النهار)

الحرب الكلامية بين واشنطن وموسكو بعد سيطرة القوات الروسية على شبه جزيرة القرم في اوكرانيا، صاحَبها جدل حاد في اميركا بين المعلقين الذين يدعون ان “ضعف” الرئيس باراك اوباما قد شجّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على انتهاك سيادة اوكرانيا، والذين ينفون ذلك ويذكرون بأن بوتين اجتاج جمهورية جورجيا في 2008 خلال ولاية الرئيس جورج بوش، وان رد الرئيسين متشابه الى حد كبير، لأنهما أدركا أنهما لا يملكان أي خيار عسكري حقيقي لارغام بوتين على الانسحاب.

المعلق الليبرالي بيتر بينارت (مجلة “اتلانتك”) انتقد الطرح الجمهوري القائل بأن عدائية بوتين سببها اقتناعه بان اميركا في حال “تقهقر”، ورأى ان العكس هو الصحيح، وان بوتين يرى عن حق ان الغرب منذ انهيار الاتحاد السوفياتي يتقدم في اوروبا الشرقية والبلقان وهي مناطق كانت اما جزءا من الامبراطورية السوفياتية وإما في فلَكها. وذّكّر بأن وزير الخارجية سابقا جيمس بايكر وعد آخر الرؤساء السوفيات ميخائيل غورباتشيوف في بداية 1990 بأنه اذا وافق على توحيد المانيا، فإن حلف شمال الاطلسي لن يضم اليه أي اعضاء جدد في أوروبا الشرقية وان قوات الاطلسي لن تنتشر حتى في الجزء الشرقي من المانيا الموحدة. ولكن مع نهاية السنة، تغير الموقف الاميركي وبدأ الاطلسي يقترب اكثر من الحدود الروسية بعدما انضمت اليه بولونيا والمجر والجمهورية التشيكية، ولحقت بهما بعد ذلك جمهوريات البلطيق وكرواتيا والبانيا.

معلقون آخرون محافظون مثل مارك ثيسون (“الواشنطن بوست”) ادعوا ان بوتين لم يبال بتحذير اوباما من أنه سيكون هناك ثمن للتدخل في اوكرانيا، لانه يعرف ان تهديدات اوباما للرئيس بشار الاسد بقيت تهديدات لفظية، ورأى ان الاخفاق في ارغام بوتين على دفع ثمن عدوانه سوف يشجع اعداء اميركا وخصومها من الصين الى كوريا الشمالية الى ايران الذين يقوّمون مدى صلابة اوباما في التعامل مع الازمة في اوكرانيا، كما فعل بوتين عندما عاين سياسة اوباما حيال سوريا ووجد انها ضعيفة.

المعلق المحافظ جورج ويل (“الواشنطن بوست”) اتهم ادارة اوباما بإساءة قراءة بوتين والتاريخ، وسخر من قول وزير الخارجية جون كيري من ان بوتين قام بعمل “عدائي” ينتمي الى القرن التاسع عشر في القرن الحادي والعشرين.

المعلق الليبرالي يوجين روبرتسون (“الواشنطن بوست”) رأى ان اميركا تفتقر الى الصدقية لانها لا تستطيع ادانة العدوان الروسي على اوكرانيا بسبب اجتياحها العراق وافغانستان وقبلهما بناما وغرانادا…

هناك اجماع في واشنطن على انه لا حل عسكريا. اللافت ان مؤيدي أوباما يعترفون بمحدودية قوة أميركا، بينما معارضوه يدركون ذلك لكنهم يرفضون الاعتراف بالواقع المّر.