مناقصة البواخر واستعادة الثقة

فريد محمود

“لا منتصر ولا مهزوم في ما جرى في مجلس الوزراء”، هذا ما صرح به الوزير سيزار ابي خليل على أثر قرار مجلس الوزراء بإلغاء مناقصة البواخر واتخاذ قرار بإجراء مناقصة جديدة، وأكد معاليه “أن هناك دائماً مناقصات تتم إعادتها مرة ومرتين وثلاث، عندما لا يتقدم إليها سوى عارض واحد”.

في كتاب معاليه إلى مجلس الوزراء والمؤرخ بتاريخ 12/8/2017 الذي ينص في الصفحة 7 ما يلي:

“لو سلمنا جدلاً، وعلى سبيل النقاش ليس إلا، فلو كان صحيحاً أنه تبقى عرض وحيد مقبول، فإن مدير عام إدارة المناقصات ضلل مجلس الوزراء، من خلال تضليله وزير الطاقة والمياه، بالقول بعدم جواز فض العرض المالي العائد لهذا العرض، لأن المادة 39 من المرسوم رقم 2866 تاريخ 16/12/1959 (نظام المناقصات) تجيز الاخذ بالعرض المالي للعارض الوحيد، في حال كان عرضه ينقص على الأقل 10% عن السعر التقديري، ولسعر التقديري تضعه الإدارة، ولا يمكن معرفة إمكانية أن يكون سعر العارض الوحيد أثل بعشرة بالماية عن السعر التقديري إلا بعد فتح الملف المالي للعارض الوحيد لمعرفة سعره المعروض. وإن كتمان مدير عام إدارة المناقصات هذا الأمر عن مجلس الوزراء، من خلال كتمانه عن وزير الطاقة والمياه، يجعل تقريره باطلاً بطلاناً مطلقاً. (لطفاً مراجعة الخلاصة الواردة في الصفحتين 10 و 11 من كتابنا إلى مدير عام المناقصات رقم 2756/و تاريخ 7/8/2017).

التفتيش الركزي

وتأسيساً على ما تقدم جئنا بكتابنا هذا نرفع الموضوع إلى مقام مجلس الوزراء طالبين عرضه على جدول أعمال أول جلسة تلي تاريخ هذا الكتاب لتقرير المناسب في ما خص فض العروض المالية من قبل لجنة وزارية، بات من الضروري تشكيلها لهذه الغاية، نظراً لبطلان تقرير إدارة المناقصات…”

مع العلم أن النصوص المتضمنة السعر التقديري في المناقصات قد الغيت منذ العام 1996، فهل أن الوزير ابي خليل لا يدري أم أنه لا يريد أن يدري؟ بالمقابل سبق أن تم تسريب خبر من خلال الاعلام يفيد أن مجلس الوزراء ينوي تعيين مدير عام جديد لإدارة المناقصات، ويبدو أن التسريب سبق بقليل كتاب معاليه- الذي ذكره في كتابه الذي رفعه الى مجلس الوزراء- إلى المدير العام الحالي.

ما أعلنه وزير الإعلام، بدبلوماسية راقية، بعد جلسة مجلس الوزراء، أن وزير الطاقة هو من اقترح إلغاء المناقصة بسبب وجود عارض وحيد، هو اقتراح لا ينسجم مع كتاب  وزير الطاقة المرفوع إلى مجلس الوزراء، إلا إن إلغاء المناقصة واتخاذ مجلس الوزراء قرار بإجراء مناقصة جديدة هو قرار ينطوي على غالب بالأقل حتى الآن، فهذا القرار غلَّب المصلحة العامة وشكّل خطوة باتجاه غلبة الوطن على بعض الفرقاء، القرار هو أول قرارات الحكومة، التي شُكلت بتاريخ 18/12/2016،  الذي يجب أن ينسجم مع شعارها وتسميتها (حكومة استعادة الثقة). نقول هذا بدون أن يغيب عن بالنا أن القرار ينطوي على ثغرة قد تخلق عقبة أمام إدارة المناقصات لأن المهلة المحددة في القرار لإجراء المناقصة الجديدة مهلة قصير جداً قد لا تكفي عملياً لإنجاز المناقصة، نأمل إن لا ينطوي الأمر على قطبة مخفية، فتنقضي المهلة ونعود إلى لجنة وزارية لإجراء المناقصة.

الكهرباء

والشيء بالشيء يُذكر، ففي احتفالية البحصاص بمناسبة تدشين محطة تحويل كهربائية جديدة يوم السبت تاريخ 19/8/2017، أي بعد جلسة مجلس الوزراء بيومين، قال دولة الرئيس الحريري، “هذا الأمر كان يجب أن يتم منذ سبع سنوات”، هنا لنا أن نسأل، من أعاق هذا الأمر وأخره سبع سنوات، أو ما الذي أدى إلى هذا التأخير؟ أية جهة أعاقت عمل الجهة التي كانت تسعى لإتمام هذا الأمر من سبع سنوات؟ ولماذا؟

في الاحتفالية عينها أيضاً قال دولته: “معمل دير عمار يواجه مشكلة مع المتعهد”، جميعنا يعلم أن هذه المشكلة موجودة وهي بسبب مسألة الضريبة على القيمة المضافة (TVA)، وهنا لا بأس أن نذكّر بأن ملف دير عمار عندما أحيل إلى ديوان المحاسبة ودُرس هناك، لفت أحد المراقبين إلى غموض في بند الضريبة المذكورة وهذا حتماً سيؤدي إلى نزاع في ما بعد، لكن القاضي المعني بالملف لم يلتفت إلى تقرير المراقب ووقع الملف دون أن يكلف نفسه عناء قراءته.

نعم ملف دير عمار يواجه مشكلة كلفت الدولة اللبنانية والمواطن اللبناني الكثير من الوقت والمعاناة في التقنين الكهربائي، وقد تكلف الخزينة أموال طائلة كتعويض للمتعهد، انما القاضي المكلف بالملف تمت مكافأته من خلال نقله بناءً لطلبه إلى أحد المراكز الإدارية الأساسية في لبنان.

(الأنباء)