ماذا وراء الصمت الدولي عن تطورات حلب؟

روزانا بو منصف (النهار)

تعرب مصادر ديبلوماسية عن اعتقادها ان الاتفاق الذي تردد انه تم بين الولايات المتحدة الاميركية وروسيا في شأن سوريا في اثناء زيارة وزير الخارجية الاميركي جون كيري لموسكو ساهم في ارساء الصمت الدولي حول ما يجري في محيط حلب على رغم ان محاصرة المدينة يتعارض ومضمون القرار الدولي الذي صدر في شباط الماضي حول وقف الاعمال العدائية والتزام عدم سعي اي فريق من الافرقاء السوريين الى محاولة تسجيل مكاسب ميدانية اضافية. فحتى الان ساهم الحوار الثنائي الاميركي الروسي في تطيير الكثير مما اتفق عليه ولا سيما ابرز ما اتفق عليه في شأن الازمة السورية اي اعلان جنيف مع تراجع الموقف الاميركي لجهة المطالبة برحيل الرئيس بشار الاسد وعدم وجوده ابان المرحلة الانتقالية. هذا الصمت الدولي بدا لافتا خصوصا ان حلب تشكل منعطفا مهما في الحرب السورية جرى التركيز عليه والاهتمام به في مراحل سابقة في حين انه يمكن ان يعزى الابتعاد الاوروبي وكذلك الاقليمي الى هموم اوروبية مثلا في ظل اولويات غدت مختلفة في ضوء الارهاب الذي ضرب دولا اوروبية اخيرا اضافة الى مشكلة اللاجئين وكذلك الى التسليم الغربي كليا للمفاوضات التي تجري بين الولايات المتحدة وروسيا في الموضوع السوري استنادا الى تسليم هذه الدول ان الازمة السورية لم تعد موضوعا يبحث فعليا على طاولة مجلس الامن او بين مجموعة الدول الداعمة لسوريا بل بين واشنطن وموسكو فقط. كما يمكن ان يعزى الصمت الى انشغال تركيا بنفسها ايضا والذي كان موضوع حلب اساسيا ومحوريا في الرؤية التركية للازمة السورية فيما انشغال المملكة السعودية ينصب على اليمن في ظل انهيار المفاوضات الايلة الى حل سياسي فيها. ففي الايام القليلة الماضية بدت لافتة لهذه المصادر اولا ردة فعل وزير الخارجية الاميركي على المسألة الانسانية المتصلة بحلب وليس المسألة السياسية الاكبر وما يمكن ان تؤدي اليه من تغيير لبعض المعادلات وذلك من خلال تحذير كيري من ان تكون الممرات الامنة التي تحدثت عنها روسيا هي خديعة في الوقت الذي تدرك واشنطن ان حلب لا يمكن استعادتها بقوة النظام السوري او بقوة حلفائه على الارض بل بقوة الطيران الروسي وفق ما اظهرت تجارب المرحلة الماضية. كما بدا لافتا انه حتى الشق الانساني من حصار حلب لم يحظ باهتمام كاف من الدول الفاعلة في مجلس الامن الى حد التمكن من اصدار موقف في هذا الشأن ولعل ذلك يعود الى التسليم من هذه الدول بأن ما يجري انما هو تحت سقف الاتفاق الاميركي الروسي او تحت سقف توظيف روسيا لحظة اميركية في ظل حاجة ادارة الرئيس باراك اوباما الى وضع المسار السياسي في سوريا على الخط لكن من دون قدرة الاوروبيين على القيام بأي خطوة سوى الاعتراض على الانزلاق الاميركي في اتجاه الموقف الروسي ليس الا. في حين ان الاعتراض العربي يسعى الى تحذير روسيا بديبلوماسية من تبعات حلب على نحو غير مباشر وفق ما رأت هذه المصادر في قول وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأن بلاده حريصة على بناء افضل العلاقات مع روسيا في عدد من مجالات التعاون المشترك معتبرا ان روسيا دولة مهمة ويعيش فيها اكثر من 20 مليون مسلم (وهي ما فهمتها المصادر المعنية على انها اشارة ديبلوماسية ضمنية الى ارتدادات محتملة لاعادة تمكين النظام من مدينة حلب) من دون ان ينفي استمرار وجود تباعد في الرؤية للأزمة السورية بين روسيا والمملكة.

وفي حين تبدي هذه المصادر اعتقادها ان الذهاب الى جنيف مجددا في اواخر آب الجاري قد يكون الثمن الذي ضغطت به موسكو من اجل ان تأتي بالنظام مجددا الى طاولة المفاوضات على قاعدة اقرار الولايات المتحدة بان رحيل الاسد لن يكون غدا وحاجة واشنطن او ادارة اوباما تحديدا الى محاولة انهاء عهده بوضع المفاوضات السورية على نار حامية مجددا باعتبار انه يبقى ستة اشهر على مغادرته البيت الابيض، وهي مدة لا بأس بها، فان ابرز الاسئلة يتصل بما اذا كانت ادارة اوباما باتت مستعدة للمساهمة او السماح باتاحة تغيير المعادلات في سوريا على الارض. وذلك علما ان ما سيرافق ذلك من تداعيات لن يتوقف على سوريا وحدها من اجل تأمين الارث السياسي للرئيس اوباما في حين ان هذا الارث في ضوء ما يجري سيكون اكثر اذى اذا ترك لروسيا ان تغير الواقع السوري وفق ما يحصل. اذ ان هذا الارث الاوبامي سيزداد وقعا كارثيا في ضوء الاستنتاجات الشاملة التي تحمل اوباما بالذات مسؤولية عدم حسم الازمة السورية منذ الاشهر الاولى للانتفاضة السورية ثم تردده في حسمها لدى بروز ازمة استخدام النظام السوري الاسلحة الكيميائية ضد شعبه. ثم ان التساؤل يطاول ما اذا كانت حلب تدخل من ضمن الاتفاق الاميركي الروسي في ضوء اعلان كيري في 26 تموز المنصرم فيما مساعي تطويق حلب في اوجها انه يرغب في الاعلان عن اتفاق على استئناف المفاوضات في مطلع آب. ثم اذا كان النظام السوري يتصرف دوما على اساس الحسم العسكري قبل الحل السياسي فهل يمكن الاعتقاد ان مساعدته من روسيا على تطويق حلب وربما السيطرة عليها علما ان معركتها مكلفة جدا ستجعله اكثر مرونة في الذهاب الى حل سياسي او اكثر تشددا من اي وقت مضى ازاء هذا الحل.

اقرأ أيضاً بقلم روزانا بو منصف (النهار)

مصير الأسد في اللقاء الأميركي الروسي الأول؟

الاتفاق الاميركي الروسي برسم اللبنانيين

لبنان على خط ثلاثي لمحيط الارتدادات الداعشية

الرسائل الروسية من حفل تدمر إلى استعراض حميميم

فدرلة سوريا بين الجدية وبالون الاختبار

سوريا نحو ميدان مباشر لمواجهة إقليمية؟

التدخّل الروسي واجهة جديدة للتعقيدات

عقدة الأسد… عقدة عون: أوجه تشابه!؟

لماذا “حزب الله” إلى الواجهة بعد النووي؟

أوباما يُسقط أوهام الحل في سوريا

جنبلاط المثير للاهتمام والجدل في شهادته تاريخ الاحتلال السوري لا يحتاج إلى كتب!

هل حان موعد معركة “ما بعد الثلوج”؟

إيران تخوض معركة المساومات على نفوذها

نصرالله استهدف “فرملة” بيروت عشية القمة

السيطرة على العواصم الـ 4 تخويف أم “تشريع”؟

مكافحة الإرهاب بلا استراتيجية وحلول سياسية؟

البعد الطائفي واتساع الاستهدافات في الغرب يرسمان عنوان تصاعد المواجهة مع “داعش”

أميركا في اليمن على خطاها في العراق؟

إيران تعزّز أوراقها قبيل “الحسم” النووي

عملية الحزب “ذكية” لالتزامها قواعد الاشتباك؟!