الرصاص الطائش… الى متى؟

بقلم نيفين بو نصر الدين

أنباء الشباب

بينما تصدح الأغاني وأصوات الدفوف في عرس أو مناسبة سعيدة، تخرج طلقات من الرصاص لا يختلف هدفها عن إظهار الفرح أو المجاملة، لكنها تخطئ طريقها إلى طفل يطل من شرفة أو امرأة تشاهد العرس وربما في شجار عابر بين شباب مراهق، ليتحول الفرح إلى مأتم والمناسبة السعيدة الي حزينة والربح الى خسارة!

رصاص الطيش، شبحٌ يلاحق اللبنانيين وأطفالهم أينما كانوا.. فهل من جهة رسمية تتكفّل بضبط جنون السّلاح المنتشر بلا حسيب أو رقيب، لا لتمنع إنّما لتحدّ من هذا القتل الغادر الذي يمارسه مرضى لا يصح فيهم سوى المثل: “السلاح بإيد… بيقتل”!

“السلاح” ويا لها من كلمة يخافونها كثيرون لا دلالة لها إلا الموت والخوف والغدر والبكاء والخسائر..

كل يوم نستيقظ على خبر فاجعة، عن خبر وفاة شاب، طفل، فتاة، عن طريق الرصاص الطائش. يشبه هذا الحادث المياه الملوّثة التي نشربها من دون أن ندري بتلوّثها، عن طريق الخطأ، كلّ يوم. يشبه هذا الحادث هواء النفايات الذي نتنشّقه ويراكم أمراضاً مؤقتة ومزمنةً في رئتينا وفي دمنا وفي أعضاء أخرى من أجسامنا، عن طريق الخطأ، كلّ يوم.

1280x960

وكأن هذا الحادث في لبنان يشبه الأغذية غير المطابقة للمواصفات التي نتناولها من دون أن نعرف بأضرارها وصلاحيتها فنتسمّم بها، عن طريق الخطأ، كلّ يوم.

 يشبه هذا الحادث، تشخيص بعض الأطباء للحالات المرضية والذي يتسبّب أحياناً بعاهات دائمة للمرضى، لأنه تشخيص يقع عن طريق الخطأ، كلّ يوم.

يشبه هذا الحادث، المخدرات التي تصل إلى فئات كثيرة من الناس عن طريق الخطأ، فتستحيل إدماناً مع الوقت، يؤدي إلى وفيات بجرعات زائدة، عن طريق الخطأ أيضاً، كلّ يوم.

يشبه هذا الحادث، حياتنا اليومية في هذه البلاد التي ربما نكون قد اخترناها عن طريق الخطأ، لكن الأكيد أن الموت فيها وخسارة الأرواح لا يعود أبداً عن طريق الخطأ طالما أنه يحدث كلّ يوم.

0

يكفينا لوم الشباب على اختيارهم الغربة والسفر، ونحن لا نستطيع أن نحافظ على الروح التي منحها الله لهم، يكفينا أن نخدع أنفسنا ونقول أنه مجرد خطأ ونحن بأمان، يكفنا أن نتحدث عن الاختراعات والوصول الى المريخ ونحن نغرق بحفرة الجهل، يكفينا التباهي بالحرية وهي مجرد أحرف صفُت وراء بعضها لتعطي كلمة لا أحد يشعر بها.

لم يتساءل احد يوم عن اهل ضحية الخطأ، عن معاناتهم، عن طريقة العلاج، من أين؟ كيف؟ ما ذنبهم؟ هل نحن بغاية او بلد مثل سائر البلاد؟ لم يشعر احد بالخوف لمجرد المرور بشوارع مدينتنا؟ ذاهبون الي جامعتنا نموت بسبب الصدفة، ذاهبون إلى أعمالنا نموت عن طريق الخطأ، نودع أهلنا بابتسامة نعود بالنعش والدموع تستقبلنا.

يا لك من بلد لا نستطيع فيه الحفاظ على انفسنا حتى…