زعامات الفراغ!

طلال سلمان (السفير)

يخرج العرب من التاريخ محمولين على طوفان من دمائهم نتيجة غربة أنظمتهم الحاكمة عن العصر وعن مطامح شعوبهم وحقوقها في أوطانهم… ولا يرف جفن لأي من أقطاب الطبقة السياسية في لبنان، على اختلاف توجهاتهم، تهيباً وخوفاً، بل يستمرون جميعاً في ممارسة ترف الحياة خارج واقع «رعاياهم»، وخارج منطق التحوط بالاندفاع إلى حفظ «الدولة» بأي ثمن!
ليست إهانة القول ان هذه الطبقة السياسية تعيش خارج الزمان، وتشغل الناس المثقلين بهمومهم بمعارك وهمية حول مناصب كانت ترتبط ـ دائماً ـ بالمقادير وبمصالح «الدول» البعيدة والأبعد عن هموم «الرعايا».
تحاصر نيران الحروب، أهلية/ عربية/ دولية/ لبنان من جهاته كافة، وفيها ومعها العدو الإسرائيلي، وتمضي الطبقة السياسية في ارتكاب فضائحـها واثقـة من ان لا حساب ولا من يحاسبون.
يدفع اللبنانيون الثمن باهظاً، في حياتهم اليومية كما في طموحهم إلى مستقبل أفضل، نتيجة اختلال مؤسسات «الدولة» بل تهالكها بالتعطيل المقصود لمؤسساتها… وتستمرئ الطبقة السياسية الفراغ فتضع يدها على ما تبقى من موارد الدولة، وتزيد من عبثها بركائز الاستقرار عبر معارك وهمية لا تنتهي بشعارات طائفية ومذهبية تأخذ إلى الفتنة… والفتنة، بشهادة السوابق، تدر استثمارات مجزية وزعامات مقدسة حتى العصمة!
يعطلون الدولة ثم يشكون من الفراغ. يمتنعون عن إكمال النصاب، ثم يبكون «المقعد الشاغر للرئيس». يسيّرون مصالحهم «بالاستثناء لمرة واحدة» تمتد حتى تصير قاعدة لاستمرارهم في الانتفاع بالفراغ.
كل انتخاب معطل. كل تجديد للدم في مواقع الإدارة العليا محرم.
لكأن البلاد بلا شعب. لكأن الدولة مجموعة إقطاعيات يتوزعونها «تكريسا للوحدة الوطنية»، بينما يكاد يندثر «الوطن» الذي يغادره المزيد من شعبه، وبالذات من أبنائه الأكفاء كل يوم.
عشتم، وعاش لبنان بنظامه الفريد وطبقته السياسية متعددة الجنسية… لبنان الذي رئيسه من خارج هذا العالم أو هكذا يُراد له أن يكون!
… وعاش زعماء الفراغ!

اقرأ أيضاً بقلم طلال سلمان (السفير)

لبنان: بين البطالة السياسية والحروب الأهلية العربية

بين «استقلال القرار» ووحدة الوطن والدولة!

الخوف على الكيان: نحو «صيغة» جديدة؟

وحدة الطوائف.. على «الوطن» و«الدولة»!

لبنان في الدوامة بين الفراغ والحرب..

العيد اليتيم .. والديموقراطية بالطائفية!

عن الأرمن والعرب وقرن من التشرد…

لبنان .. والحرب الظالمة!

الضياع العربي الاستنجاد بالشيطان الأكبر لمواجهة «داعش»!

عن الطبقة السياسية وتهديم الدولة..

العيش في قلب الفراغ…

العودة إلى البيت عودة الحياة إلى السياسة

عن «مملكة الصمت» التي جعلها عبدالله «دولة العالم»..

عن الدولة البلا رأس!

الإرهاب واحد من باريس إلى جبل محسن

«مشاعات» سايكس ــ بيكو تخسر «دولها» ورعاياها …

«الربيع العربي» لاجئاً في المملكة المذهبة!

العرب يعودون إلى مناقشة هويتهم

العجز يقتل الدولة قبل عسكرييها المخطوفين!

خرائط جديدة للأرض العربية: دول الطوائف بعد الديكتاتوريات؟