عن الدولة البلا رأس!

طلال سلمان (السفير)

تكفي نشرة أخبار واحدة لكي «تقتنع» أن لبنان «قارة» شاسعة المساحة، هائلة التنوع إلى حد أن رجال الدولة والدين فيه يعيدون اكتشاف «مجاهله» المتباعدة ويستذكرون مكوناته الطائفية والمذهبية التي استعصت على الانصهار في الوحدة الوطنية العتيدة.

بين ما يستوقفك هو التجاور الجغرافي في قلب التباعد في مستوى العيش وظروفه: فالمسافة بين المتزلجين السعداء بعودة الثلج إلى جبالنا، لا سيما في فاريا، والبؤساء في بعض أنحاء طرابلس التي تدل تسمياتها على واقعها الاجتماعي ـ الاقتصادي تكاد تكون قرناً من الزمان، في حين أن المسافة على الأرض عشرات الكيلومترات. فما بين «جبل محسن» الذي بات معلماً سياحياً، و»حي المنكوبين»، و»التعمير»، و»باب التبانة» ـ ناهيك بالأحياء الداخلية لطرابلس «عصر» كامل.. فكيف بالنسبة إلى جبال العز في «قلب لبنان»؟

كذلك فإن الأخبار التي سبقت الحملة العتيدة على «الطفار» من الخارجين على القانون في بعض أنحاء بعلبك ـ الهرمل قد زادت من التشويه الذي يتسبب به هؤلاء لصورة تلك «البلاد» المرمية خارج الذاكرة الرسمية، وصولاً إلى عرسال التي ظلت متروكة لمصيرها مع «الحجر» حتى اجتاحتها جحافل «داعش» و «النصرة» متسببة في جرح مفتوح في صدر الوطن، يستمر في نزف كرامة الدولة فيه.

بالمقابل فإن مجاهدين أنقياء قد انضموا إلى قوافل الشهداء، أمس، بفعل غارة شنها طيران العدو الإسرائيلي على بعض جهات الجولان السوري الذي كانت «تحرسه» قوات أممية قبل أن تطردها «عصابات شقيقة» للتي تهيمن على جرود عرسال، تحت تغطية إسرائيلية بالنار..

في الوقت ذاته تستمر الحملة الحكومية على الغذاء الفاسد والأدوية القاتلة والمخالفات الفاضحة في العديد من الدوائر الرسمية كالعقارية، ويستمر الوزراء في ممارسة هواية العراك مطمئنين إلى استمرارهم في مقاعدهم طالما استمر تعطيل الحياة السياسية التي باتت لدى اللبنانيين في خانة الذكريات.

هل تسأل عن المجلس النيابي؟!

وعليك دائماً أن تعيش أسير المفارقات: فالدولة التي كانت «معتقلة» في سجن رومية أمكن ـ بقرار ـ إطلاق سراحها، والتي كانت تهرب من مواجهة الزور والتزوير والتعدي على أملاك الدولة ومؤسساتها ثبت أنها تستطيع لو أرادت..

المهم ألا تغرق وتغرقنا في النفايات التي ستطبق على «ثرواتها» قاعدة 6 و6 مكرر، فتحتفظ كل طائفة بنفاياتها تحقيقاً للوحدة الوطنية وتأكيداً لحضور الدولة التي لم ينغص حياتها كونها بلا رأس!

اقرأ أيضاً بقلم طلال سلمان (السفير)

لبنان: بين البطالة السياسية والحروب الأهلية العربية

بين «استقلال القرار» ووحدة الوطن والدولة!

الخوف على الكيان: نحو «صيغة» جديدة؟

وحدة الطوائف.. على «الوطن» و«الدولة»!

زعامات الفراغ!

لبنان في الدوامة بين الفراغ والحرب..

العيد اليتيم .. والديموقراطية بالطائفية!

عن الأرمن والعرب وقرن من التشرد…

لبنان .. والحرب الظالمة!

الضياع العربي الاستنجاد بالشيطان الأكبر لمواجهة «داعش»!

عن الطبقة السياسية وتهديم الدولة..

العيش في قلب الفراغ…

العودة إلى البيت عودة الحياة إلى السياسة

عن «مملكة الصمت» التي جعلها عبدالله «دولة العالم»..

الإرهاب واحد من باريس إلى جبل محسن

«مشاعات» سايكس ــ بيكو تخسر «دولها» ورعاياها …

«الربيع العربي» لاجئاً في المملكة المذهبة!

العرب يعودون إلى مناقشة هويتهم

العجز يقتل الدولة قبل عسكرييها المخطوفين!

خرائط جديدة للأرض العربية: دول الطوائف بعد الديكتاتوريات؟