الإنتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري..؟

صلاح سلام (اللواء)

هل تجري الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري.. ونتجنب الوقوع في الفراغ الرئاسي مرّة أخرى؟
هذا السؤال، هو الشغل الشاغل للبنانيين، مقيمين ومغتربين، الذين يعتبرون أن هذا الاستحقاق، سيكون هو المؤشر لاتجاه الرياح السياسية والأمنية في البلاد: مزيد من الانفراج والاستقرار في حال حصول انتخاب الرئيس قبل 25 أيار المقبل، أو عودة إلى مربع الصفر في التوتر الأمني والسياسي، في حال عدم الوصول إلى جلسة انتخاب الرئيس العتيد!
الحكومة السلامية استعادت انسجامها سريعاً، وأطلقت مسيرة العمل والإنتاج والإنجاز بسرعة فاقت كل التوقعات.
مجلس النواب نفض الغبار عن كومات من المشاريع المتراكمة منذ منتصف الولاية الدستورية، وصدرت عدّة قوانين كانت حتى الأمس القريب ضائعة بين زواريب الخلافات السياسية، وغياهب الإهمال والنسيان في الخزائن المغلقة.
الخطة الأمنية حققت «فتحاً» وطنياً في الشمال، ووضعت حداً لمأساة التبانة وجبل محسن، بعد أكثر من ثلاث سنوات من المراوحة في العجز والمناورات الفارغة.
بوادر الترشيحات للسباق الرئاسي أطلت من معراب، مع إعلان الدكتور سمير جعجع ترشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية، مفتتحاً بذلك المعركة الانتخابية، وكأن جلسة الانتخاب حاصلة في المهلة الدستورية!
هل تكفي كل هذه المؤشرات، لتطمين اللبنانيين بأن الاستحقاق الرئاسي سيُنجز في الموعد الدستوري؟
* * *
لم يعد خافياً أن أوراق اللعبة ليست كلها في أيدي الأطراف اللبنانية، بل إن معظمها وأهمها، في أيدي اللاعبين الإقليميين والدوليين في الخارج، وبالتالي فإن مصير الانتخابات الرئاسية مرتبط بجملة من العوامل والمواقف، التي لا قدرة للبنانيين أن يؤثروا في تفاعلاتها، أو تناقضاتها.
غير أن المتابع لأجواء عواصم القرار العربية والغربية، المعنية بالوضع اللبناني، يستنتج بسهولة أن ثمة رغبة عربية ودولية في الحفاظ على الوضع اللبناني هادئاً، قدَر الإمكان، وبعيداً عن النيران السورية ما أمكن، وسحب التوتر السياسي والمذهبي في أسرع ما يمكن، وإشاعة مناخات من الوفاق والأمن والاستقرار، سعياً لتحقيق أكثر من هدف في وقت واحد، أبرزها:
1 – وقف زحف التيارات المتطرفة إلى الداخل اللبناني، والحؤول دون توفير بيئة حاضنة لهذه التيارات، من خلال تخفيف التوتر المذهبي، والحد من الاستفزازات التي يشكلها وجود السلاح في الشارع مع فئة دون الأخرى.
2 – دعم القوى الأمنية الشرعية، من جيش وقوى أمن داخلي، في تنفيذ خطط أمنية تقضي على بؤر التوتر والاشتباكات، خاصة في طرابلس؛ وعرسال ومحيطها، وتوجيه رسائل واضحة وحاسمة للمزاج السني، بأن الدولة قادرة على فرض سيطرتها على جميع المناطق، وتأمين الحماية والأمن لجميع المواطنين.
3 – تحييد تداعيات مشاركة «حزب الله» في القتال بسوريا، عن تفاعلات المعادلة الداخلية في لبنان، حتى يبقى الوضع اللبناني بمنأى عن التأثر بنتائج هذه المشاركة، سواء كانت سلبية أم إيجابية، بالنسبة للحزب وحلفائه.
4 – السعي لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، وتأمين أكثرية وازنة للرئيس المسيحي المنتخب، حتى يكون قوياً بالتفاف اللبنانيين، كل اللبنانيين حوله، وعدم الاكتفاء بقاعدته المسيحية، مهما كان حجمها، ومهما كانت قوته في طائفته.
وفي هذا الإطار بالذات، ليس مستبعداً أن تتلاقى أطراف في 14 و8 آذار على موقف واحد في تبني أحد المرشحين البارزين، على غرار ما حصل عند ترشيح الرئيس تمام سلام لرئاسة الحكومة في الاستشارات النيابية، حيث اجتمعت أصوات الآذاريين على مرشح واحد.
* * *
ولا يمكن فصل هذه الاحتمالات عن المساعي التي يبذلها الفاتيكان، ويتولاها أحياناً البابا فرنسيس شخصياً، لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، وذلك كخطوة أساسية، وذات مدلولات كبيرة، تعبّر عن حرص المرجعية الكاثوليكية، ومعها عواصم القرار الغربية، على تعزيز الاهتمام بمسيحيي الشرق، بعد النكسات والآلام وموجات التهجير، التي أصابتهم في سوريا والعراق، وبلدان أخرى في المنطقة، منذ الغزو الأميركي لبلاد الرافدين، واندلاع موجة «الربيع العربي» في دول الإقليم.
* * *
كلمة السر لم تصدر بعد باسم صاحب الحظ السعيد!
والاتصالات ما زالت ناشطة لإعداد مسرح الانتخاب، والأجواء المناسبة له، داخلياً وإقليمياً. وهي قطعت أشواطاً حتى الآن، ولكنها ما زالت بحاجة إلى بعض التفاهمات، قبل تحديد ساعة الانتخاب… إلا إذا حصلت مفاجآت غير متوقعة في اللحظة الأخيرة!

اقرأ أيضاً بقلم صلاح سلام (اللواء)

بين مبادرة الحريري والتزام نصر الله

مبادرة معراب.. نحو المراوحة القاتلة!

من انتخابات الرئاسة إلى مشروع التحالف ما هي بدائل أهل التعطيل..؟

تعثّرت في الداخل.. بسبب الانتكاسة في الخارج!

بالأمس «الفوضى».. واليوم «الانتحار»..؟

التيار العوني.. ومهاوي الفوضى القاتلة!

الأسير.. نهاية ظاهرة أم بداية جديدة؟

أنا.. أو لا جمهورية.. ولا لبنان!

مِن حَرْق الدوابشة إلى إعلان القاهرة هل يفيق العرب من سُباتهم..؟

المفارقة بين الاعتدال والانتحار!

لماذا التفجير المدمِّر للبشر والحجر..؟

عيد التحرير يفقد بهجته..

المصداقية الأميركية على محك القمة الخليجية

القبضة السعودية بمواجهة الجُموح الإيراني: كفى.. كفى.. كفى..!

ماذا بعد العجز السياسي المُتمادي..؟

التوافق لا يعني الإجماع.. ولا يتطلّب التصويت

جرأة الانتقاد.. وشجاعة الحوار!

المنطقة في زمن داعش: واقع ومفاوضات وصفقات!

المصريون عائدون…

الرئاسة: هل يبقى الوقود خارجياً.. والطباخون أجانب..؟