العلاقات الخليجية – الإيرانية بين: جولة ظريف.. واتهام نصر الله!

صلاح سلام (اللواء)

جولة وزير الخارجية الإيراني على العواصم الخليجية لن تؤتي ثمارها، إذا لم تُتوّج بزيارة إلى العاصمة السعودية.
تصريحات الرئيس الإيراني محمّد حسن روحاني ووزيره المقرّب محمّد جواد ظريف، لن تُؤخذ بالجدية اللازمة، إذا لم تقترن بخطوات عملية باتجاه المملكة العربية السعودية.
الكلام الغربي عن انفتاح إيراني نحو دول الجوار والمجتمع الدولي، يبقى حبراً على ورق، إذا لم يقترن بمبادرات إيرانية فعلية نحو دول المنطقة، تبدأ بفتح صفحة جديدة من التعاون الصادق مع المملكة السعودية.
قد تتباين مواقف دول مجلس التعاون من بعض القضايا المزمنة أو إزاء بعض الملفات الطارئة، ولكن تصحيح العلاقات الخليجية – الإيرانية، وإعادتها إلى سكة حسن الجوار، بعيداً عن سياسة التدخلات في الشؤون الداخلية، أو شعار تصدير الثورة.. يبقى موضع إجماع خليجي، وفي صلب الثوابت للسياسة الخليجية.
الزائر لعواصم دول مجلس التعاون، يلاحظ أن حدّة الانتقادات للسياسات الإيرانية قد هدأت عمّا كانت عليه أيام الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، ولكن ثمة حالة من الترقب والحذر، بانتظار ترجمة تصريحات روحاني وكبار معاونيه، إلى خطوات فعلية، تساعد على تنقية الأجواء وتخفيف التوتر، وصولاً إلى إشاعة المناخات المناسبة لإطلاق ورشة حوار جدّي وواقعي مع الجار الإيراني.
ردود الفعل الخليجية السلبية التي استقبلت اتفاق جنيف بين طهران والمجموعة الدولية (5+1)، بَرَدَت بعض الشيء، بعد محادثات وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين مع القيادات الخليجية، والتي يُفترض أنها وضعت الأمور في نصابها الصحيح، وأكدت عدم وجود اندفاعة عمياء لتخفيف العقوبات عن طهران، قبل التأكد من التزامها تطبيق بنود اتفاق جنيف، وما تم التوافق عليه في المفاوضات الثنائية الأميركية – الإيرانية في سلطنة عُمان، والتي تجاوزت الملف النووي الإيراني، إلى القضايا الشائكة الأخرى في المنطقة، وخاصة في سوريا واليمن والعراق، فضلاً عن متطلبات الحفاظ على الأمن والاستقرار في دول مجلس التعاون، بمنأى عن المشاغبات الإيرانية!

حاولت طهران استباق قرارات القمة الخليجية، التي ستنعقد هذا الأسبوع في الكويت، بإيفاد وزير خارجيتها بزيارات متلاحقة إلى مسقط والدوحة والكويت وأبو ظبي، حاملاً رسائل ودية، تنطوي على تطمينات، وشروحات حول اتفاق جنيف، والسياسة الإيرانية الجديدة نحو دول الجوار الخليجي.
ويبدو أن الموفد الإيراني سمع كلاماً متناسقاً من كبار المسؤولين في العواصم التي زارها، مفاده أن دول مجلس التعاون متمسكة بسياسة حسن الجوار، والرغبة بإقامة أطيب علاقات التعاون مع طهران، لما فيه تعزيز الاستقرار والازدهار على ضفتي الخليج، إلى جانب الحرص على معالجة المشاكل والملفات العالقة، وخاصة احتلال الجزر الإماراتية الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، عن طريق الحوار أو التحكيم الدولي.
كما سمع الوزير ظريف كلاماً حول استعداد خليجي للمساهمة في مشاريع استثمارية في إيران تخدم المصالح المشتركة، وتعود بالفائدة على طرفيها الخليجي والإيراني.
ولكن كل هذا الكلام يحتاج إلى خطط عملية، وخطوات تنفيذية، لا يمكن أن تُبصر النور، إذا لم تتم معالجة الخلاف الكبير بين الرياض وطهران، والذي يتعلق بأمن النظام العربي، واستقرار دول الخليج خاصة من جهة، وإعادة النظر، أو بالأحرى التخلي عن السياسة الإيرانية الحالية، القائمة على التدخل في شؤون الدول العربية من جهة اخرى، واعتماد أساليب التحريض المذهبي، والتهديد بتصدير العنف المسلح إلى داخل أكثر من دولة عربية.

وفيما كان رئيس الدبلوماسية الإيرانية يحاول تبديد الشكوك، وترميم العلاقات مع دول مجلس التعاون، كان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله يُغرّد خارج التوجه الإيراني الجديد، ويوجه اتهاماً مباشراً للأجهزة السعودية، بالوقوف وراء تفجيري السفارة الإيرانية في بيروت!
لا نذيع سراً إذا قلنا أن كلام نصر الله في بيروت عزّز موقف المتحفظين والمتشككين من جدّية التحولات الإيرانية في الانفتاح والتعاون مع الدول الخليجية.
وثمة من طرح تساؤلات من نوع: هل ثمة توزيع أدوار داخل الأوركسترا الإيرانية..؟ أم أن ثمة تفاوتاً في تأييد مواقف روحاني وفريقه بين مراكز القوى المتعددة في بنية النظام الإيراني؟
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى مشاعر الارتياح في الدوائر الخليجية لمسارعة الرئيس ميشال سليمان إلى نفي هذا «الاتهام السياسي»، الذي لا يستند على أدلة واقعية، أو على نتائج التحقيقات الأمنية والقضائية، والذي من شأنه أن يُسيء للعلاقات الأخوية التاريخية بين لبنان والمملكة.
الأشقاء الخليجيون لم يشغلوا أنفسهم بما سمعوه من أمين عام الحزب، على اعتبار أن ما يعنيهم هو «الأصل» في طهران، أما ما يصدر عن «الفرع» في بيروت، أو أي مكان آخر، فيبقى شأناً إيرانياً بالدرجة الأولى، تتولى طهران معالجته، إذا كانت حريصة فعلاً على فتح صفحة جديدة مع الجوار الخليجي، وخاصة مع المملكة العربية السعودية.

اقرأ أيضاً بقلم صلاح سلام (اللواء)

بين مبادرة الحريري والتزام نصر الله

مبادرة معراب.. نحو المراوحة القاتلة!

من انتخابات الرئاسة إلى مشروع التحالف ما هي بدائل أهل التعطيل..؟

تعثّرت في الداخل.. بسبب الانتكاسة في الخارج!

بالأمس «الفوضى».. واليوم «الانتحار»..؟

التيار العوني.. ومهاوي الفوضى القاتلة!

الأسير.. نهاية ظاهرة أم بداية جديدة؟

أنا.. أو لا جمهورية.. ولا لبنان!

مِن حَرْق الدوابشة إلى إعلان القاهرة هل يفيق العرب من سُباتهم..؟

المفارقة بين الاعتدال والانتحار!

لماذا التفجير المدمِّر للبشر والحجر..؟

عيد التحرير يفقد بهجته..

المصداقية الأميركية على محك القمة الخليجية

القبضة السعودية بمواجهة الجُموح الإيراني: كفى.. كفى.. كفى..!

ماذا بعد العجز السياسي المُتمادي..؟

التوافق لا يعني الإجماع.. ولا يتطلّب التصويت

جرأة الانتقاد.. وشجاعة الحوار!

المنطقة في زمن داعش: واقع ومفاوضات وصفقات!

المصريون عائدون…

الرئاسة: هل يبقى الوقود خارجياً.. والطباخون أجانب..؟