تحية من كمال جنبلاط الى أحرار سوريا

علي حمادة (النهار)

بين تاريخي السادس عشر من اذار ١٩٧٦ والخامس عشر من اذار ٢٠١١ صلة تكاد تشبه صلة رحم بين يوم استشهاد اول شهدائنا كمال جنبلاط وانطلاق ثورة الحرية والكرامة في سوريا، يوم قامت حفنة من اطفال درعا بكتابة شعارات تدعو الى اسقاط النظام. بين هذين التاريخين صلة رحم، فقد قضى كمال جنبلاط وحيدا على احدى طرق شوفنا الحبيب لانه قال لا للوصاية، لا لـ”السجن الكبير”، وذهب الى الموت مشيا على الاقدام، مسالما وقابلا بقدره الذي جعل منه اول شهداء الحرية والسيادة والاستقلال والكرامة في لبنان. قد كرت سبحة الشهداء الكبار لتصل الى رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط ٢٠٠٥، ليستعيد اللبنانيون على دمه وحدتهم وايمانهم بالحلم اللبناني ومعه استقلالهم الثاني. وكما قال وليد جنبلاط لقد دخلوا فوق دم كمال جنبلاط، وخرجوا فوق دم رفيق الحريري.
في هذا اليوم نستذكر كمال جنبلاط، ومعه نستحضر ذكرى انطلاقة الثورة في سوريا التي بدأت سلمية فأغرقها النظام في بحر من دماء الاطفال والنساء والرجال، ظل طوال اشهر متتالية يعمل في الشعب آلة القتل، الى ان انتهى الشعب الى امتشاق البنادق للدفاع عن نفسه بوجه قتلة الاطفال، وذابحي الشعراء، ومغتصبي النساء.
نستذكر معاني الحرية والكرامة التي مات من اجلها كمال جنبلاط مقتولا برصاصات الغدر، فيما نستحضر احلام اطفال سوريا بالحرية والكرامة التي من اجلها انتزعت اظافرهم في اقبية مخابرات درعا وغيرها. فقد كان كمال جنبلاط ذلك العروبي العصري الذي دعا قبل غيره الى تحرير الانسان العربي تمهيدا لتحرير الارض المغتصبة في فلسطين وغيرها. آمن كمال جنبلاط بالعروبة الحديثة والانسانية التي تغلب الكرامة الانسانية على سياط العبودية. وبعد عقود من السبات العميق قام اطفال سوريا ليسترجعوا هذا الحلم العربي بالحرية والكرامة العابرين للحدود والشعوب، ليواجهوا أعتى آلات القمع في تاريخ مشرقنا العربي.
مات كمال جنبلاط لكنه لم يمت فقد عاش في قلوب الاحرار، وانتفض احرار لبنان عام ٢٠٠٥، ثم انتفض احرار سوريا عام ٢٠١١ لكي يثبتوا مقولة ان “الحق لا يضيع” وان ما من ظالم إلا وله نهاية. واليوم وبعد عامين على بدء الثورة في سوريا نقترب فعلا من انتصار الحرية والكرامة. فالثوار يدقون ابواب دمشق، وكل يوم يحررون مزيدا من ارض سوريا. ولن يمر وقت طويل حتى تنطلق المرحلة الاخيرة من حرب تحرير سوريا من هذا النظام الذي لن يرحل إلا بالقوة.
نقول ان النظام لن يرحل إلا بالقوة لاننا كلما تحدثنا الى احرار سوريا في كل مكان، نسمع منهم الموقف ذاته وهم يوجهون كلامهم الى بشار الاسد: “بشار لا ترحل، جايينك”.
فتحية الى احرار سوريا في يوم كمال جنبلاط…