خطران يهددان لبنان… وهكذا حمى “التقدمي” السلم الأهلي والاستقرار‎

بعيداً من ضجيج وصخب التوترات الداخلية والاستثمارات، كان ثمة ضجيج من نوع آخر، ما أطلق عليه العدو الإسرائيلي عملية “درع الشمال” بحثاً عن أنفاق تدّعي إسرائيل وجودها لـ”حزب الله” في الجنوب. ولأن الخطر الأساس يبقى من أي استثمار إسرائيلي للتوتر الداخلي أو اللعب على الانقسام، وحرصاً على تحصين الساحة الداخلية، كان هناك من يستشرف الخطر وإمكانية إذكائه، وهو يتوازى مع الخطر الاقتصادي المحدق. لبنان بغنى عن تسجيل المواقف والنقاط السياسية بين الأفرقاء على تناقضاتهم، على حساب المصلحة العليا، والتي توجب حماية الاستقرار وتوفير مناعة الاقتصاد.

العنوانان شكّلا عامل اهتمام أساسياً لدى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط منذ فترة، ولذلك حضّ أكثر من مرة على ضرورة صبّ الاهتمام على ما يبني وليس على ما يهدم. ولذلك سارع جنبلاط إلى لملمة ذيول أي انقسام قد ينجم عمّا حدث في الأيام السابقة، والتعالي على كل الاستفزازت والزكزكات، والتوجه إلى ما يخدم الوحدة الوطنية. وفي هذا السياق جاء اللقاء بين وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي ووفد من “حزب الله”، للبحث في مختلف التطورات، من الانقسامات والتعرّض لكرامات الناس، إلى العراضات العسكرية في الجبل، وصولاً إلى ما حدث في الجاهلية، هذا من الناحية الداخلية، أما من الناحية الخارجية، فتركز البحث حول وجوب المراقبة بحذر شديد لما يجري على الحدود الجنوبية، تحسّباً لأي خطوة قد يلجأ إليها العدو الإسرائيلي.

ركّز اللقاء على إبقاء الخلافات السياسية في إطارها السياسي، ووفد الاشتراكي كان واضحاً لجهة رفض حصول أي عمليات استفزاز مقبلة، بعد ما جرى وكادت أن تفلت الأمور من عقالها. ولذلك يشدد الاشتراكي على احترام الخيارات السياسية، والحفاظ على وجهات النظر المختلفة، وإبعاد المواقف من قضايا إقليمية عن أي انعكاس في الداخل، بالإضافة إلى الحرص على التنوع السياسي في الجبل كما في غيره من المناطق، بشرط عدم إقران هذا التنوع بنمو حيثيات أو طفيليات عسكرية، تكون قادرة على ترهيب الناس ساعة تشاء.

نتاج التحرك الذي يقوم به الاشتراكي يرتكز على عناوين استراتيجية، تخرج من أي حسابات ضيقة، ولا يمكن إلا أن يتم تتويجها لبنانياً عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة تضمّ مختلف القوى، تهتم بمعالجة الأوضاع الحدودية ومنع أي احتمال للتصعيد، بالإضافة إلى الدخول في سياسة سريعة لمعالجة الوضع الاقتصادي ومنعه من الانهيار.

*ربيع سرجون – “الأنباء”